للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوارير، وتعلِّقه على رؤوس الرماح، وكلما رآه السمرمر تَبِعَك، وكان مقصودة أن يبعث البكري إلى [جلال الدين] (١) خوارزم شاه، فيتفق معه لما بلغه اتِّفاق الكامل والأشرف عليه، فاجتمع البكري بالخوارزمي، وقرَّر معه الأمور، وجعله سندًا له، وكان الجراد قد قَلَّ، فلما عاد البكري كَثُرَ [الجراد] (١)، فقال النَّاس في ذلك الأشعار، وظهر فِعْلُ المعظَّم للنَّاس، وعلم الكاملُ والأشرف، [وجرى هذا الحديث وشاع، فقيل للمعظم: لو كنت أرسلت وما له مع بعض التجار الذين يسافرون إلى خراسان كان أَوْلى،] (١) ولما عاد البكري [من الرسالة] (١) ولاه المعظم مشيخة الشيوخ مضافة إلى الحِسْبة.

وحجَّ من العراق ابنُ أبي فراس مستقلًا، ومن الشَّام الركن الفلكي وكريم الدِّين الخِلاطي، [(٢) وكنت على عزم الحج، فخرجت على هجين إلى مشهد القدم، فجاء حوراني عليه فروة ليصافحني، فنفر بي الهجين، فرماني، فأقمت شهرين أداوي ظهري.

وحج بالنَّاس] من اليمن أقسيس بن الكامل [ولقبه الملك المسعود] (١) في عسكرٍ عظيم، فجاء إلى الجبل [وقد لبس أصحابه السلاح، ومنع علم الخليفة أن يُصعد به إلى الجبل] (١)، وأَصْعَدَ علم الكامل وعلمه، وقال لأصحابه: إنْ أَطْلَعَ البغاددة علم الخليفة فاكسروه، وانهبوهم. ووقفوا تحت الجبل من الظُّهْر إلى غروب الشَّمس يضربون الكوسات، ويتعرَّضون للحاجِّ العراقي، وينادون: يَا ثارات ابن المقدم. فأرسل ابنُ أبي فراس أباه، وكان شيخًا كبيرًا إلى أقسيس، وأخبره بما يجب من طاعة الخليفة، وما يلزمه من ذلك من الشَّناعة، فيقال إنه أَذِنَ في صعود العلم قبيل الغروب، وقيل: لم يأذن، وبدا من أقسيس في تلك السنة جبروتٌ عظيم.

[(٣) وحكى لي شيخنا جمال الدين الحَصِيري، قال: رأيت أقسيس] قد صَعِدَ على قُبَّة زمزم، وهو يرمي حمام مكَّة بالبُنْدُق، ورأيت غِلْمانه في المسعى يضربون النَّاس بالسيوف في أرجلهم، ويقولون: اسعوا قليلًا قليلًا، فإنَّ السُّلْطان نائمٌ سكران في دار


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ح): وكريم الدين الخلاطي، ومن اليمن … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) في (ح): قال الشيخ جمال الدّين الحصري: رأيته قد صعد … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).