للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبعة آلاف من الروم جاؤوا نجدةً لصاحب الروم، وقد نزلوا في مرج يستريحون، فقتلهم.

وحكى [لي الأمير] (١) عماد الدِّين بن موسك صورة الحال، فقال: لما وصلنا إلى الروم خرج عسكر أَرْزَنكان نجدةً لنا، وكانوا في اثني عشر ألفًا، فنزلوا في مرج، ورموا سلاحهم، وسيَّبوا دوابهم ترعى، ولم يعلموا بمسير الخوارزمي، فمرَّ بهم في طريقه فقتلهم وأسرهم، ولم يفلت منهم إلا اليسير، وكان في خامس عشرين رمضان نهار الأربعاء، فضعفت قلوب العساكر، وخافوا، وأقمنا مكاننا إلى عشية الخميس، فوصل الجاسوس، وأخبر أَنَّ العدو يصبحنا يوم الجمعة، فرتبنا الأطلاب الجاليشية في الأول، ثم بعدهم العرب، وبعدهم الحلبيون، ثم صواب، ثم الجواد، ثم العزيز، ثم شهاب الدين، ثم تبعهم أطلاب الروم، وصاحب الروم في طُلْب الخاص، والأشرف في طُلْب الخاص أيضًا، وكنَّا في أرض وَعْرة، فخرجنا إلى وطأة، وإذا بطلائع خوارزم شاه، فأخذ العرب منهم مئة فارس، وقتلوا مئة، ولم يتقدَّموا إلينا، ونزلوا ونزلنا، [وبيننا] (١)، وبينهم جبل، والى جانبه وادٍ عظيم، وخفنا خوفًا شديدًا، وليس معنا زاد ولا ماء ولا علف لدوابنا، وقال الأشرف: ما نحشر إلا من تحت حوافر خيولنا، أين المفر؟ فلما كان وقت السحر قبيل طلوع الفجر أمر خوارزم شاه بمن بقي من عسكر أرزنكان، وكانوا خمس مئة، فضرب رقابهم، فلما كان بكرة السبت ثامن عشرين شهر رمضان قطعوا إلينا الوادي، ووقف الخوارزمي على رأس الجبل، وسنجقه في الوادي، ووقع القتال، وأرسل الله ضبابًا، فلم يَرَ أحدٌ كفَّه، ونصرنا الله عليهم، فانكسروا، ووقع معظمهم في الوادي من الضباب، وانهزم الخوارزمي، ووقع العسكرُ في أصحابه قَتْلًا وأَسْرًا، وتفرَّق معظمهم في الجبال والأودية، فقاتل الرُّوم قتالًا شديدًا، وكان من وقع من رأس الجبل إلى الوادي أكثر، فأصبحوا بين قتيلٍ وأسير، وغَنِمَ النَّاس أموالهم وخيلهم وسلاحهم، وامتلأتِ الجبالُ والأودية منهم، وشبعت الطيور والوحوش من دمائهم ولحومهم، وقال الأشرف للرومي: لابُدَّ لي من خِلاط. فأعطاه ولأصحابه وإخوته وجميع الأعيان من الأموال والخِلَع والثِّياب والخيل


(١) ما بين حاصرتين من (ش).