للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ ما جرى بعد وفاته:

اجتمع الأمراء [وفيهم سيف الدين بن قليج، وعز الدين أيبك، والركن الهيجاوي،] (١) وعماد الدين وفخر الدين ابنا الشيخ، وتشاوروا، وانفصلوا على غير شيء، وكان النَّاصر داود بدار سامة، [فجاءه] (١) الركن الهيجاوي (٢) فِي الليل، وبيَّن له وجه الصَّواب، وأرسل إليه عِزُّ الدِّين أيبك يقول: أخرجِ المال، وفَرِّقْه فِي مماليك أبيك، والعوامُ معك وتملك البلد، ويبقوا فِي القلعة محصورين. فما أنفق، وأصبحوا يوم الجمعة فِي القلعة، فحضر مَنْ سَمَّينا، وذكروا النَّاصر والجَوَاد، وكان أضرَّ ما على النَّاصر عماد الدين بن الشيخ، لأَنَّه كان يجري فِي مجلس الكامل مباحثات، فيخطئه فيها ويستجهله، فبقي فِي قلبه، وكان فخر الدين يميل إِلَى النَّاصر، فأشار عمادُ الدين بالجواد، ووافقوه، وأرسلوا الهيجاوي يوم الجمعة إِلَى النَّاصر، وهو فِي دار سامة، فدخل عليه، وقال له: أيش قعودك فِي بلد القَوْم؟ قُمْ وأخرج. فقام، وركب وجميع مَنْ فِي دمشق من باب دار سامة إِلَى القلعة، وما شك أحدٌ أَنَّ النَّاصر طالع إِلَى القلعة، وساق، فلما تعدَّى مدرسة العماد الكاتب، وخرج من باب الزُّقاق عَرَّج إِلَى باب الفرج، فصاحت العامة: لا لا لا. وانقلبتْ دمشق، وخرج النَّاصر من باب الفرج إِلَى القابون، ووَقَعَ بهاء الدِّين بن بركيشوا وغِلْمانه فِي النَّاس بالدَّبابيس، فأنكوا فيهم، فهربوا.

وأما الجَوَاد، فإنَّه فتح الخزائن، وأخرج المال، [فبلغني أنَّه] (١) فَرَّق ستة آلاف أَلْف دينار، وخلع خمسة آلاف خِلْعة، وأبطل المكوس والخمور، ونفى الخواطئ، فأقام الناصر بالقابون أيامًا وعزموا على قَبْضه، فرحل، وبات بقصر أُم حكيم، وخرج خَلْفه أيبك الأشرفي ليمسكه، وعَرَفَ عمادُ الدين بن موسك، فبعث إليه فِي السِّرِّ، فسار فِي الليل إِلَى عجلون، ووصل أيبك إِلَى قصر أم حكيم، وعاد إِلَى دمشق.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) فِي (ح) و (ش): "جاءه الهيجاوي والركين فِي الليل، وبينا له وجه الصواب"، والمثبت من "تاريخ الإِسلام" للذهبي: (حوادث سنة ٦٣٥ هـ).