للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعلني من النَّاس، وملَّكني دمشق. وسار معنا، فأنزل عماد الدين فِي القلعة بدار المَسَرَّة، وعاد أسد الدين [صاحب حمص] (١) إِلَى دمشق، وبعث الجواد لعماد الدِّين الذهب [والخلع] (١) والخيل (٢) والقُماش، [قال سعد الدين] (١): وما وصلني من مطرها رِشاش مع ملازمتي لعماد الدِّين لمرضه، فإنَّه ما خرج من القاهرة إلَّا فِي مِحَفَّة، فكنت كما قيل: [من البسيط]

إنْ يطبخوا يوسعونا من دخانهمُ … وليس يبلغنا ما تنضج النَّارُ

وكان عماد الدِّين قد فرَّق الخِلَع فِي أصحابه، ولما تحقق الجواد أنَّ رسالةَ عماد الدين أَنْ يخرج من دمشق، ويعوَّض عنها إسكندرية، رَسَمَ عليه فِي الدَّار، ومنعه من الرُّكوب، وجاء إِلَى عماد الدين، وقال: إذا أخذتم مني دمشق، وأعطيتموني الإسكندرية، فلا بُدَّ ما يكون لكم بدمشق نائب، فاحسبوني ذلك النَّائب، وإلا فقد بَعَثَ إليَّ الصَّالح [نجم الدين] (١) أَيُّوب أُسَلِّم إليه دمشق، وآخذ منه سِنْجار. فقال له ابنُ الشيخ: إذا فعلتَ هذا أصلحتَ بين الصَّالح والعادل، وتبقى أنتَ بغير شيء. فقام، وخَرَجَ مُغْضَبًا، وحكى [الجواد] (١) لأسد الدِّين ما جرى [بينهما] (١). فقال: والله لئن اتَّفق الصَّالح والعادل ليتركونا نشحذ فِي المخالي. وجاء أسدُ الدّين إِلَى ابنِ الشيخ، وقال له: المصلحة أن تكتب إِلَى العادل، وتستنزله عن هذا. فقال ابنُ الشيخ: حتَّى أروح إِلَى برزة، وأُصلي صلاة الاستخارة. فقال له أسد الدين: تريد أن تروح إِلَى برزة، وتهرب إِلَى بَعْلَبَك. فغضب، وانفصلا على هذا، ودَسَّ الجوادُ إِلَى عماد الدِّين ابنَ قاضي بَعْلَبَك ليسقيه سُمًّا، فلم يفعل، وكان ابن الشيخ مريضًا، فاتّفقوا على قَتْله، وتوجَّه أسدُ الدِّين إِلَى حِمْص، فلما كان يوم الثلاثاء سادس وعشرين ربيع الأول بَعَثَ الجواد إِلَى عماد الدِّين يقول: إنْ شِئْتَ أَنْ تركب وتتنزَّه، فاركبْ إِلَى ظاهر البلد. فاعتقد أَنَّ ذلك بوادر رضي، فلبس فَرَجية كان الجَوَاد بَعَثَ إليه بها، وشدُّوا له حِصانًا بَعَثَ به إليه، فلما خَرَجَ من باب الدَّار قابله [واحد] (١) واقف، وبيده قِصَّة، فاستغاثَ،


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) هنا خرم فِي نسخة (ح) يأتي على سائر الكتاب، وثمة قطعة برقم (٢١٣٨) تبدأ من سنة (٦٢٠ هـ)، وتنتهي مع نهاية الكتاب، عليها اعتمدت فِي تحقيق ما بقي منه، ورمزتُ لها بالحرف (ت).