وكان هذا الرَّسول شيخًا، لطيفًا، مُسْلمًا، من أهل أَصبهان، حكى لشهاب الدِّين عجائب، منها: أنَّه قال: بالقرب من بلاد قاقان، قريبًا من بلد يأجوج ومأجوج على البحر المحيط أقوام، ليس لهم رؤوس، وأعينهم فِي مناكبهم وأفمامهم، وإذا رأوا النَّاس هربوا، وعيشهم من السَّمك.
ومنها: أَنَّ هناك طائفة تزرع فِي الأرض بزرًا، فيتولَّد منه غنم كما يتولَّد دود القز، ولا يعيش الخروف أكثر من شهرين أو ثلاثة مثل بقاء النَّبات فِي الأرض، وهذا الغنم لايتناسل.
ومنها: ذكر أَنَّ بمازَنْدران عين ماء يطلع منها فِي كلِّ ستة وثلاثين سنة حَيَّة عظيمة مثل المنارة، فتقيم طول النَّهار، فإذا غربت الشَّمس غاصت فِي العين، فلا تُرى إِلَى مثل ذلك الوقت، وقيل: إنَّ بعضَ ملوك العجم جاء بنفسه إليها فِي مثل ذلك اليوم، وربطها بسلاسل وحِلَق عِظام إِلَى أساطين حولها، واستوثق منها، فلما جاء وقت الغروب قطعتِ السلاسل، وغارت فِي العين، وهي إِلَى الآن إذا طلعت رأوا السلاسل فِي وسطها (١).
وفيها جاء عسكر حلب إِلَى حَرَّان، ومعهم المنصور إبراهيم صاحب حمص، والتقوا، فانكسرتِ الخُوارَزْمية، وأنكى فيهم الحلبيون قَتْلًا وأَسْرًا، وهرب بركة خان إِلَى الخابور، وأخذ المنصور حَرَّان، وعصت عليه القلعة.
وفيها اختلف عسكرُ مِصْر على الصَّالح أَيُّوب، فقبض على جماعة.
وفيها تسلَّم الرُّوم آمِد بعد حصارٍ شديد، فيقال: إنَّهم اشتروها بثلاثين أَلْف دينار.
[وفِي هذه السنة -وهي سنة ثمان وثلاثين وست مئة - قدمت دمشق من القدس، فأشار السامري وزير إسماعيل الصَّالح عليه بإخراجي من دمشق، وكان لما قدمنا دسّ السامري صبيًّا يقال له يوسف بن يعقوب المؤذن، وكان جامكية أَبيه عندنا بمدرسة شبل الدولة شيئًا يسيرًا، فالتجأ يوسف إِلَى السامري، وصار صاحب خبر له، فتقدَّم عنده،