للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان فاضلًا، نَزِهًا، عفيفًا، شريفَ النَّفْس، عالي الهمة، قليلَ الطَّمع، لا يلتفتُ إِلَى أحدٍ من خَلْق الله [تعالى] (١) لأجل الدُّنْيا لا إِلَى أهله ولا إِلَى غيرهم، وصنف التَّاريخ وغيره، [(٢) وكان صديقي، وكان -رحمه الله تعالى- يزورني ويحضر مجالسي، وقد أنشدني لنفسه، فقال]: [من البسيط]

لم ألقَ مستكبرًا إلا تحوَّلَ لي … عند اللِّقاءِ له الكِبْرُ الذي فيهِ

ولا حلا لي من الدُّنيا ولذَّتِها … إلا مقابلتي للتِّيه بالتِّيهِ

وكانت وفاتُه فِي يوم الأربعاء سادس عشر صفر، وصُلِّي عليه بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقابر الصُّوفية عند المُنَيبع، [سمع أباه عمر بن محمَّد، والحافظ ابن عساكر، وشُهدة الكاتبة، وغيرهم] (١)، وكان ولي مشيخة الخوانك بعد وفاةِ أخيه صَدْر الدِّين.

قال المصنف : ونقلتُ من خَطِّ ولده سعد الدين مسعود، قال: وُلدَ والدي تاج الدين يوم الأحد رابع عشر شوال سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة (٣)، وكان مفنّنًا [فِي العلوم، عارفًا] (١) فِي الأصولين والفروع والتَّرسُّل [والتواريخ] (١)، والهندسة والطب، وسمع الحديث الكثير، [وله مقاطع شعر جيدة] (١)، وصنَّف الكُتُب منها "المؤنس فِي أصول الأشياء" ثماني مجلدات، و"كتاب السِّياسة الملوكية" للكامل صاحب مِصْر، و"المسالك والممالك" و"عطف الذيل" فِي التاريخ، وأمالي وتواريخ كثيرة، وسافر إِلَى المغرب سنة ثلاثٍ وتسعين، ووصل مَرَّاكُش، واتصل بالملك المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، فأحسن إليه، وقدَّمه على جماعةٍ، وهذه عادتهم [فِي الغرب] (١) يولون الحرب العلماء والفضلاء، وجعله برسم من يقصد المغرب من الشَّام، يعرف به، ليحسن يعقوب إِلَى من يقصده، وأقام فِي خِدْمته إِلَى أن مات يعقوب، وخدم ولده محمدًا، وعاد [تاج الدين] (١) إِلَى الشَّام سنة ستِّ مئة، وحَجَّ سنة أربع وست مئة مع أخيه صدر الدين وأولاده [وهي أول حجة حججتها من بغداد، وكان أمير حاج الشَّام دلدرم، وحج معنا شبل الدولة


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) فِي (ت): وصنف التاريخ وغيره، وأنشد … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) فِي التكملة: سأله المنذري عن مولده فقال: فِي يوم الأحد الرابع عشر من شوال سنة ست وستين وخمس مئة بدمشق.