فلما دخلوا على المملوك مالوا عليه بالسَّكاكين، فقتلوه، فخرج عليهم الإنبرور، فذبحهم بيده، وسلخهم، وحشا جلودهم تبنًا، وعلَّقهم على باب القَصْر، وبلغ البابا [ذلك](١)، فبعث إلى قتاله جيشًا، والخُلْفُ واقعٌ بينهم، وهذا الإنبرور هو الذي أعطاه الكامل القُدْس.
ذِكْرُ ألقابه:
الملك الكبير، الأَجَلّ الخطير، الأعز الأثير، قيصر المعظَّم، إنبراطور فردليك ابن الإنبراطور هونكه، المقتدر بقدرة الله تعالى، المستعلي بعِزَّته، مالك اللمانية، والإبيردية، وبسفايه، وأبليوود، وصقلية، حافظ بيت المقدس، معزّ أيام رومية، مالك ملوك النَّصْرانية، حامي الممالك الفرنجية، قائد الجيوش الصّليبية.
وفيها قَبَضَ الملك النَّاصر داود على عماد الدين بن موسك في الكَرَك، واحتاط على موجوده، وكان له في صندوق نيف وخمسون ألف دِرْهم.
وفي يوم الخميس تاسع عشر ذي القَعْدة قَدِمَ الصَّالح أيوب دمشق، فأحسنَ إلى أهلها، وتصدَّق على المدارس والرُّبُط وأرباب البيوت بأربعين ألف دِرْهم، وببَعْلَبَك بعشرين ألفًا، وببُصْرى بعشرين ألفًا، وخَلَعَ على أعيان الدماشقة الخلع السَّنية، ومضى إلى بَعْلَبَك، وعاد منها، ومشى ناصر الدين القَيمري وابن مطروح بين الصَّالح وعز الدين أيبك في الصُّلْح بواسطة شمس الدِّين بن العميد، وخرج الصَّالح من دمشق، ومضى إلى بُصْرى، وصَعِدَ إلى صَرْخد، ونزل إليه عِزُّ الدين برأي ابنِ العميد، وتسلَّم الصَّالح صرخد، وأقام عِز الدين أيبك في مَيدَانها أيامًا، وقدم دمشق في ذي الحجة، فنزل بالنَّيْرب، وكَتَبَ له منشورًا بقرقيسيا والمجدل وضياعًا في الخابور، فلم يحصل له منها شيء، وتوجَّه الصالح أيوب إلى مصر، وتصدَّق في القُدْس بألفي دينار مِصْرية، وأمر بعمارة سور القُدْس، فَذُرعَ، فكان ستة آلاف ذراع بالهاشمي، فقال: اصرفوا مغلّ القُدْس في عِمارته، وإنِ احتاجَ إلى شيء نفَذتُ من مِصْر. [وكنت لما أطلقه الناصر من الحبس، وجاء إلى القدس أخذتُ يده على ذلك](١).