للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأخذ مصر بمئتي قِناع؛ جَعَلَنا مخانيث. فضربوا عُنُقَه، واعترضوا طُلْب السُّلْطان، فخامر بعضُ العزيزية مماليكُ أبيه عليه، وجاء منهم جماعةٌ إلى عز الدين وأقطايا، وقالوا: إلى أين، هذا السلطان واقف؟ فعطفوا على الطُّلْب، وكسرتِ العزيزيةُ سناجقَ السُّلْطان، وكسروا صناديقه، ونهبوا ماله، ورموه بالنُّشَّاب، فأخذه نوفل البدوي وجماعةٌ من مماليكه وأصحابه، وساروا به إلى الشَّام، وعطف المِصْريون على المعظَّم ابنِ صلاح الدين، فأسروه بعد أن جرحوه، وجرحوا ولده تاج الملوك، وأخذوا أخاه النُّصرة، والأشرف ابن صاحب حمص، والزَّاهر عمه، والصَّالح إسماعيل، وأعيان الحلبيين، ومات تاجُ الملوك بن المعظم من جراحةٍ كانت به، فحمل إلى القُدْس ميتًا، وجُرِحَ حسام الدين القَيمري، فحمل إلى القُدْس، فمات به، وضُرب الشَّريف المرتضى في وَجْهه بالسَّيف ضربةً هائلة عَرْضًا، وأرادوا قَتْلَه، فقال: أنا رجلٌ شريف، ابنُ عَمِّ رسولِ الله ، فتركوه، فقال الشريف: بقيتُ في الرمل يومًا وليلة ملقى رأسي ناحيةً، ووجهي ناحية، والدِّماء تفيض، ولولا أَنَّ الله مَنَّ عليَّ بالملك الصَّالح ابن صاحب حمص هلكت، حملني، وخيَّط وجهي بمسال، وعاينت الموت مرارًا، وتمزَّق النَّاس كلَّ ممزَّق، ومشوا في الرِّمال أيامًا.

وأما المِصْريون فإنهم دخلوا إلى القاهرة بالأسارى، والسناجق المقلبة، والطبول المشقَّقة، والخيول والأموال والعُدَد، ولما وصلوا إلى تُرْبة نجم الدِّين أيوب أخذوا بالصَّالح إسماعيل، وصاحوا: يا خوند، أين عينك ترى عدوك؟ ورموا الأسارى في الجباب، وجمعوا بين الصَّالح وبين أولاده أيامًا، ثم غَيَّبوه وإلى هَلُمَّ جرا، ولم يصحَّ عنه خبر إلا ما تتحدَّث العوام بتلافه.

وأما المماليك، فمالوا على المِصْريين قَتْلًا ونَهْبًا، ونهبوا أموالهم، وسَبَوْا حريمهم، وفعلوا بهم ما لا يفعل الفرنج بالمُسْلمين.

وكان وزير الصَّالح إسماعيل معتقلًا في جُبٍّ بالقلعة هو وناصر الدِّين يغمور وسيف الدين القيمري والخُوَارزْمي صهر الملك يوسف، فخرجوا من الجُبّ، وعصوا في القلعة، ولم يوافقهم سيف الدين القيمري، بل جاء فقعد على باب الدَّار التي فيها عيال التركماني، وحماها، فلم يدع أحدًا يقربها، وأما الباقون فصاحوا: الملك النَّاصر يا