للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قدم أقطاي من الصعيد بالمسلمين أسارى، ونهب أموالهم، وأسر ابن عم الشريف بن ثعلب، وشنق تحت القلعة] (١).

وفيها وصلتِ الأخبار من المغرب باستيلاءِ إنسانٍ على إفريقية، وادَّعى الخلافة، وتلقب بالمستنصر، وخُطِبَ له في تلك النواحي، وأظهر العدل [والإنصاف، وبنى له] (١) برجًا، وأجلس الوزير والقاضي والمحتسب [والوالي] (١) بين يديه، يحكمون بين الناس.

وفيها وصل الشَّريف المرتضى من الرُّوم، ومعه بنتُ علاء الدين صاحب الرُّوم من بنت العادل، تزوَّجها الملك النَّاصر يوسف بن محمَّد، فَزُفَّت إليه بدمشق، واحتفل لها احتفالًا عظيمًا، وأظهر تجمُّلًا كثيرًا لم يُرَ مثله، وتلقاها قضاة البلاد والولاة والنواب بالهدايا والإقامات من الرُّوم إلى دمشق.

[وفيها] (١) حج القاضي بدر الدين قاضي مصر في البحر، وعاد في البر.

وفيها مات الواسطي العماد الواعظ بمصر، وكان قد قال على المنبر: إن الله خلق آدم بيديه، وأومأ إلى يد نفسه. فعزر، وعزموا على قتله.

وكان يعظ في الأعزية، فحصل له منها مال كثير، فأخذه الحشوية، وهذا المذكور كان بدمشق لا يُلتفت إليه، ويستثقل، فلما فارقت دمشق بعد موت الأشرف، تعصّب له السَّامري، وكان يحضر مجلسه، ويمدحه الواعظ بما ليس فيه، وكان قصد السامري أن يقيمه موضعي، وتعصب له النجم بن سلام والجماعة، وظهر في تلك الأيام من النفاق ما كان يبدو من المنافقين في زمان النبي وردّ الله كيدهم في نحورهم، وانعكست عليهم الأمور. وكان الدماشقة إذا جلس في الجامع يصيحون من جوانب الجامع: لا عاش المشبهون.

ليسَ التَّكَحُّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ (٢)

وترك الوعظ، فلما أخذت دمشق هرب هذا الواعظ إلى مصر، ومات بها.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) هذا عجز بيت للمتنبي، صدره: لأن حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تكلَّفه
من قصيدة مطلعها:
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل … دعا فلباه قبل الركب والإبلِ
وهي في "ديوانه": ١٩٨ - ٢١٢.