للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تميم، وأخذت بَكْر الجملين فنحروهما، وأكلوهما.

قال شاعرهم: [من البسيط]

نحن الذين هَزَمْنا يوم صبَّحنا … جيشَ الزوَيْرَين في جمع الأحاليفِ (١)

ومنها يوم السُّوبان، أغارت بنو عامر على تميم وضَبَّة، وكان على ضَبَّة حسَّان بن وَبرة، أخو النّعمان بن المُنذر لأمّه، فأسره يزيد بنُ الصَّعِق، وانهزمت تميم، وفدى حسّان نفسَه بألف بعير، وهي ديَةُ المُلوك، وكان عامر بنُ مالك بن جعفر يَنتقل من سَرْج الفرس إلى جانبه، ومن جانبه إلى ظهره، فسُمِّي ملاعب الأَسِنَّة (٢).

ومنها يوم الشَّقيقة، كان بِسطام بن قيس قد أغار على بني ضَبَّة، فاسْتاق ألفَ بعير لمالك بنِ المُنْتَفِق الضَّبِّي، وكان مالك في الإبل، فرَكض فرسَه، وأنذرَ قومَه، فركبوا وركب فيهم عاصم بنُ خَليفةَ الصّباحي، فقال عاصم: مَن رئيسُ القوم؟ قالوا: بِسطام ابن قيس، وأشاروا إلى بسطام، وكان على فرس أَدْهَم، فحمل عليه عاصم، فطعنه في أُذنه فأنفَذَه. ووَلتْ بنو شيبان، فهم بين قتيل وأسير، وجريح وكسير، وأُسِر بجاد بنُ قيس أخو بِسطام، وقتلوا تسعين من أعيان بني شَيبان (٣)، وكان بِسطام عظيماً في بني شيبان، وفيه يقوله عبد الله بنُ عَنَمة الضَّبّي: [من الوافر]

لك المِرْباعُ منها والصفايا … وحُكمُكَ والنَّشيطَةُ والفُضول (٤)

المِرْباع: ما يأخذُه الرئيس، وهو رُبع الغنيمة. والنَّشيطة: ما يَغنمُه الغُزاةُ في الطريق قبل البلوغ إلى المَوضِع الذي قصدوه، والفُضول: ما يَفضُل من السَّبْي.

وكان عاصم بن خليفة يُضعَّفُ في عقله، زار يومًا أمَّه وبيده حديدة، وهو يصْقُلُها، فقالت له: ما تصنعُ بها؟ قال: أصقُلُها لأقتُلَ بها بِسْطام بن قيس، فقالت مستخفة به: اسْت أمِّك أضيقُ من هذا.

وأدرك عاصم أَوَّل الإسلام فأسلم. وكان إذا طلب الإذن على عُمر ، يقول:


(١) العقد ٥/ ٢٠٦.
(٢) العقد الفريد ٥/ ١٧٧.
(٣) في النقائض ٢٣٥، والعقد ٥/ ٢٠٣: وأسر بنو ثعلبة بجادَ بنَ قيس في سبعين من بني شيبان.
(٤) شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١٠٢٤، والنقائض ٢٣٦، والعقد ٥/ ٢٠٤.