للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَضَّت الخيلُ على اللُّجُم (١)، يُضرب مثلاً لمَن يَغضبُ غَضبًا لا ينتفعُ به، ولا يُلتَفَتُ إليه فيه.

في بيته يُؤتى الحَكَمُ، وَضَعت العربُ أمثالًا على ألسنة البهائم، فقالت: التقطت الأرنبُ تمرةً، فأخذها الثّعلب، فخاصَمَتْه إلى الضَّبّ، فجاءا إلى باب بيته، فنادت الأرنبُ: يا أبا لحُسَيْل، فقال الضَّبّ: سَميعاً دَعوتِ، فقالت: أتيناك لنَحتكمَ إليك، فقال: عادلاً حَكَّمتُما، قالت: فاخرج إلينا، فقال: في بيته يُؤتى الحَكَم، فقالت: إني التقطتُ تَمرةً، فقال: حُلواً جَنَيتِ، قالت: فاختَطفَها ثُعَالَة -يعني الثعلب- قال: حُلواً جنى، قالت: فلَطَمْتُه، قال: بحقِّك أَخذتِ، قالت: فلَطَمَني، فقال: كان حُرّاً فانتصر، قالت: فاقْضِ بيننا، قال: قد فعلتُ (٢).

قد يَضْرُطُ العَيْرُ والمِكْواةُ في النَّار، أوَّلُ مَن قاله مسافر بن أبي عمرو بن أُميَّة، كان يهوى هندًا بنت عُتبة بن ربيعة، فأراد أن يتزوّجها فقالت له: أنت فقير، وأهلي لا يُزوِّجونك وأنت مُعسِر، فاذهب إلى بعض الملوك لعلّك أن تُصيب مالاً.

فذهب إلى النعّمان بن المنذر ملك الحيرة فأقام عنده، وتزوّج أبو سفيان هنداً وقدم الحيرة، وكان صديقاً لمُسافِر، فسأله عن أهل مكَّة فأخبره، وقال: تزوّجتُ هنداً، فشَهَقَ شَهقةً عظيمة، وسَقَى بطنُه، فأمر النعمان أن يُكوى، فأتي بطشتٍ فيه نار، فوضع الحجَّام عليه مِكواة لتُحمى، فضَرط الحجَّام، فقال مُسافر: قد يَضرُط العَيْرُ والمِكواةُ في النار. يُضرب مثلًا للرَّجل يَتخوَّفُ من الأمر، فيَجزَعُ قبل وُقوعه (٣).

قد أَنْصَفَ القارَةَ مَن راماها، وسبب هذا أن رجلاً منهم التقى رجلاً من العرب، فقال القاريّ: إن شئتَ سابقتُك، وإن شئتَ راميتُك؟ فقال الرجل: قد اخترتُ المُراماة. فقال القاريّ: [من الرجز]


(١) كذا، والذي في مجمع الأمثال ٢/ ٥٦، والمستقصى ٢/ ١٧٧: غَضَب الخيل على اللجم، بنصب غضب ورفعها.
(٢) أمثال أبي عبيد ٥٤، والفاخر ٧٦، والعسكري ١/ ٣٦٧ و ٢/ ١٥١، والميداني ٢/ ٧٢، والزمخشري ٢/ ٦٠ و ١٨٣.
(٣) أمثال أبي عبيد ٣٠٩، والفاخر ٧١ و ١٥٤، والعسكري ٢/ ١٢٣، والميداني ٢/ ٩٥، والزمخشري ١/ ٣٣٦، والبكري ٤٣٢.