للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفَرَّقوا بين الغُول والسِّعْلاة، قال الشاعر: [من الطويل]

وساخِرةٍ منّي ولو أن عَينَها … رأتْ ما أُلاقيه من الهَولِ جُنَّتِ

أَتَيْتُ وسِعْلاةٌ وغُولٌ بقَفْرَةٍ … إذا الليلُ وارى الجِنَّ منه أَرَنَّتِ (١)

وعلى هذا القُطرُبُ والغَدَّار وما شاكل ذلك، والغالب عليها أنها تظهر بأكناف اليمن وتهامة وصَعيد مصر والأماكن البعيدة، وقد تَغلِبُ على الإنسان فتَنكِحه، فيُدوِّد دُبُرُه فيموت.

ومن أمثال أهل تِهامة: أَمَنكوح أم مَذْعُور، لمَن رأى في طريقه شيئاً من ذلك، فإن قال: مَذعور قالوا: لا بأس عليك، وإن قال: مَنكوح يئسوا منه.

وروي عن وَهْب بن مُنبه أنه قال: أَصلُ هذه الأنواع المُتَشَيْطِنَة أن إبليس خلق الله له زوجةً من نار السَّموم فنكحها، فباضت بَيْضاً، فمنه هذه الأشياء (٢).

وأما الهواتف، فالهَتْف: الصوت يُسمَع من غير أن يُرى جِسمُه.

وأما النَّسْناسُ، فهو جنس من الخَلْق يَثِبُ على رِجل واحدة، وهو بحَضرموت واليمن، وحمله حَنين بن إسحاق إلى المتوكل من أرض حضرموت وهو حي.

قال حنين: هو على صورة ابن آدم إلا أن وجهَه في صدره، وله نصف وَجه، وإِلْيَةٌ كإلْيَةِ الغنم، وأهل حضرموت يأكلونه، ولحمُه لَذيذ، ولا يتولّد إلا في بلادهم.

والعربيد: دابَّةٌ من جنس النسناس.

وقال شَبيب بن شَيبة التّميمي: قَدِمتُ حضرموتَ، فنزلت على رجل من أكبر أهلها، فتَذاكرنا النَّسْناس، فقال لغلمانه: صِيدوا لنا منه، فصادوا واحداً، فلما رآني صاح: أنا بالله وبك، فسألتُه فأَطلَقَه. ثم خرج ذلك الرجل وخرجت معه أتصيَّد، وإذا بواحد منهم يعدو، وله ثَدي كثَدي المرأة، فأطلقوا عليه الكلاب فأمسكوه وذبحوه، فقلت: ما أشدَّ حُمْرةَ دَمِه، فصاح نَسناسٌ آخرُ من شجرة: مما يأكل السَماق، فأخذوا الآخر فذبحوه (٣).


(١) البيتان لعبيد بن أيوب العنبري في الحيوان ٦/ ١٦٠، ومروج الذهب ٣/ ٣١٨.
(٢) مروج الذهب ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠، وانظر عجائب المخلوقات ٣٩١ - ٣٩٩.
(٣) مروج الذهب ٤/ ١٠ - ١٧، وانظر أمثال السدوسي ٦٨.