لله نَحيرة، ثم افترقا على ذلك، حتى إذا كان بعد أعوام وُلد لعبد المطلب عشرةُ ذكور سوى الحارث، وإنما كان النَّذْر في غيره، وست بنات، فلما بلغ الذُّكورُ عشرة، ذكر نَذْرَه، فجمعهم وأخبرهم بنَذْره، وأدخلهم الكعبة، وأعطى صاحبَ القِداح رِشْوَتَه وقال: أجِلْ عليهم القِداح، فلما أُجِيلت الأَزْلامُ عليهم خرج على عبد الله، فأخرجه ورداؤه على عُنقه، وقال: هذا ابنُك الذي خرج عليه القِداح، ففَزع لذلك وأعظمه لأنه كان يُحِبُّه، ثم عَزم على إمضاء نَذْره، فأخذ بيده وجاء به إلى إِساف ونائلة، فأضْجَعه بينهما، وربطه والمُدْيَة في يده، فجاء أخوالُه من بني مَخزوم وقالوا: والله ما أحسَنْتَ عِشْرةَ أُمِّه.
وأمروه بخروجه إلى الكاهِنة، وخرهوا معه إلى خيبر، وقَصُّوا لها القصة، فقالت لهم: اذهبوا بصاحبكم إلى الكعبة، وقَرِّبوا عشرةً من الإبل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقِداح، فإن خرجت القُرْعَةُ على صاحبكم فزيدوا فيها إلى أن تخرجَ على الإبل، فذلك علامة رِضى ربِّكم ونجاةِ صاحبكم، فرجع عبد المطلب، ودخل على هُبَل، وقام صاحبُ القِداح وضرب على عبد الله وعلى عشرة، فخرج على عبد الله، فلم يزل يزيد حتى صارت الإبلُ مئةً، فخرجت القُرعةُ على الإبل، فكبر عبد المطلب والناس، وقالوا: قد رضيَ عنك ربك، فنحر الإبلَ وتركها لا يصدُّ عنها إنسانًا ولا طائرًا ولا وَحْشًا.
فصارت المئةُ أصْلًا في باب الدِّيَة بعد إن كانت عشرًا، ولما جاء الإِسلام قررها على ما قرَّرها عبد المطلب؟ ولذلك رُوي عن النبي ﷺ أنه قال:"أنا ابن الذَّبِيحَين"(١).
يعني إسماعيل ﵇ وعبد الله. وفي ذلك نظر.
وقد رُوي أن سببَ النَّذْر كان مع قريش لعبد المطلب من حَفْرِ زَمْزَم، وهو الأظهر، والله أعلم.