البَرَّاض: أَعَلى بني كنانة تُجيرها؟ قال عروة: نعم، وعلى أهل الشِّيح والقَيْصوم. ونال من البَرَّاض، وقال: أجيرها على الناس كلهم، فدفعها إليه النعمان وخرج بها الرَّحَّال، وتبعه البَرَّاض والرَّحَّال لا يخشى منه ولا مِن غيره شيئًا، فسار حتَّى نزل جانب فَدَك بأرض يقال لها: أُوَارة (١)، فشرب الخمر وغنَّته القَينات وسَكِر، فنام، وجاءه البَرَّاض فاستيقظ فحمل عليه، فقال الرَّحَّال: ناشدتك الله لا تقتلني فقد كانت منِّي زلَّة وهفوة، فلم يلتفت إليه وقتله، واستاق اللَّطيمة نحو خيبر وقال:[من الرجز]
قَدْ كانَتِ الغَفْلةُ منِّي ضَلَّه
هلَّا على غيري جَعَلْتَ الزَّلَّه
فسوفَ أعلو بالحسام القُلَّه
وتبعه المُساور بن مالك الغَطَفاني وأسد بن خُثَيْم الغَنَوي، ولم يعلم بهما البَرَّاض حتَّى دخل خيبر فرآهما، فقال: من أنتما؟ فانتسبا له، فقال: وما شأنكما بهذه الأرض التي ليست لكما بأرض؟ قالا: ومن أنت؟ قال: أنا من أهل خيبر. قالا: هل لك عِلْمٌ بالبَرَّاض؟ قال: نعم، دخل علينا طريدًا، فلم يأوه أَحدٌ منا، قالا: فدُلَّنا عليه. فقال: هو نائم خلف هذا الجدار، فنزلا وعقلا راحلتيهما، ودخلا فدخل وراءهما فقتلهما وأخذ راحلتيهما وسلاحهما، ثم إن البَرَّاض لقي بشر بن أبي خازم الأَسَدي الشاعر فأخبره الخبر، وقال: أخبر عبد الله بن جُدعان وقريشًا، ومُرْهم يوافوا سوق عكاظ، وخبر قيس بن عيلان خبر البَرَّاض، وما فعل الرَّحَّال، فثاروا وأجمعوا، وعليهم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر، ودريد بن الصِّمة، ومسعود بن مغيث الثقفي أبو عروة، وكانت رايتهم بيد أبي براء، وهو المقدَّمُ عليهم، وخرجت قريش وعليهم عبد الله بن جُدْعان، وهشام بن المغيرة، وحرب بن أمية، وعتبة بن ربيعة، وانضافت إليهم كِنانة، وأسد، وخزيمة، والأحابيش، والقارة، وعُضَل، وعلى الجميع عبد الله بن جُدْعان، ولما اجتمعوا طلبوا قريشًا، فدخلوا الحرم ونادى حرب بن أمية -وقيل: رجل من بني عامر يقال له: الأدرم بن شعيب-: يا معاشر قريش، موعدكم هذا المكان من قابل،