للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سارَعْتُ، فأذن له، ثم سار كسرى من المدائن، فنزل الخَوَرْنَقَ والسَّدير ينتظر الغنائم والأسارى، ثم ركب إلى ظاهر الخورنق يتنسَّمُ الأخبار، فأتاه رجل فسأل: هل دخل على كسرى أحد؟ قالوا: نعم، فظن أنَّه قد أخبره الخبر لأنه لم يكن أحد يجترئ أن يخبر كسرى بمثل ذلك، فأخبر كسرى فنزع كتفيه.

وقد أكثرت الشعراء في يوم ذي قار، قال جرير: [من البسيط]

مِنّا فوارسُ ذي بَهْدى (١) وذي نَجَبٍ … والمُعْلَمونَ صَباحًا يوم ذي قار

وقال العُدَيل بن الفَرْخ العِجْلي (٢): [من البسيط]

ما أَوْقَدَ الناسُ من نار لمَكْرُمةٍ … إلا اصطلينا وكنا موقدي النار

وما يَعُدُّون من يوم سَمِعْتَ به … للناس أعظمَ من يومٍ بذي قار

جئنا بأسلابِهمْ والخيلُ عابسةٌ … لَمّا استلبنا لكسرى كل إسوار

وقد قال بعضهم. إن يوم ذي قار كان في سنة سبع من الهجرة، والأول أصح.

وفيها: ظهرت أمارات النبوة قبل أن يوحى إليه . قال أبو طالب: وكنت بذي المَجَاز ومعي ابن أخي -يعني: رسول الله فأدركني العطش، فشكوت إليه، فأهوى بعقبه إلى الأرض فإذا بالماء، فقال: اشرب يا عم، فشربت (٣).

وقالت بَرَّةَ: لما ابتدأه الله بالنبوة، كان إذا خرج لحاجته أبعد حتَّى لا يَرَى بيتًا، ويُفْضي إلى الشِّعاب وبطون الأودية، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله، فكان يلتفت يمينًا وشمالًا فلا يرى أحدًا (٤).

وقال : إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن.

انفرد بإخراجه مسلم (٥).

* * *


(١) في (خ) و (ك) وأصول العقد الفريد ٥/ ٢٦٥: ذي نهد، والمثبت من مطبوع العقد وديوانه ٢٣٥.
(٢) الأبيات في "الشعر والشعراء" ١/ ٤١٤، و"العقد" ٥/ ٢٦٦.
(٣) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٢٧.
(٤) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٣٢، والحاكم ٤/ ٧٠.
(٥) أخرجه مسلم (٢٢٧٧) من حديث جابر بن سمرة .