للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العَرَبُ والعَجَمُ". فقال أبو لهب: تبًّا لك، ألهذا دعوتنا؟ فأنزل الله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ السورة (١).

وقال عبد الله بن كعب بن مالك: أقام رسول الله بمكة في كل موسم يتبع الحاج في منازلهم بعُكاظٍ، ومَجَنَّة، وذي المَجاز، يدعوهم إلى الله وأن يمنعوه حتَّى يبلِّغ رسالات ربه، ولهم الجنّة فلا يجد أحدًا ينصره ولا يجيبه. وأبو لهب يمشي خلفه ويقول: لا تطيعوه فإنه كذّاب صابئ. فيردون على رسول الله أقبح مردٍّ ويقولون: أُسْرَتُك وعشيرَتُك أعلم بكَ حيث لم يمنعوك (٢).

وفي رواية طارق المحاربي: ورأيت خلفه رجلًا قد أدمى عقبيه بالحجارة وكعبيه، قال طارق: من هذا؟ قالوا: غلام بني عبد المطلب. قلت: والذي خلفه؟ قالوا: عمه أبو لهب (٣).

وقالت عائشة : قال رسول الله : "كُنتُ بَين شَرِّ جارَينِ: أبي لَهَبٍ وعُقبَةَ بنِ أبي مُعَيْط، إنْ كانَ لَيَأتيانِ بالفُروثِ فَيَطرَحانِها على بابي، فَأَخرجُ فأقُولُ: يا بَنِي عبد مَنافٍ، أيُّ جِوَارٍ هذا؟ ثُم أُلقِيها في الطَّريق" (٤).

وفيها: ضَرب سعد بن أبي وقاص رجلًا من المشركين فشجه. وسببه: أنَّ أصحاب رسول الله كانوا يجتمعون في الشِّعاب والأودية فيصلُّون، فبينا سعد في جماعة من المسلمين يصلُّون إذ رآهم رجل من الكبار ومعه جماعة من قريش، فسبُّوهم وعابوهم، فضرب سعد رجلًا منهم فأسال دمه، فكان أول دم أُهريق في الإسلام (٥).

وكان النبي إذا جلس في المسجد وحوله المستضعفون من أصحابه مثل: عمار


(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٥٥ - ٥٦، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ١٣٦، وأخرجه البخاري (٤٧٧٠)، ومسلم (٢٠٨) مختصرًا.
(٢) كذا في النسختين (خ) و (ك)، وفي "الطبقات" ١/ ١٨٤: يتبعوك، وهو الصواب، وأورده ابن هشام في "السيرة" عن ربيعة بن عباد ٢/ ٥٠.
(٣) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٦٥٦٢).
(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات ١/ ١٧١، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ١٤٩.
(٥) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٣١٨، و"المنتظم" ٢/ ٣٦٧.