للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوالذي بعث محمدًا لقد رأيت الذي سَمّى صَرعى، ثم سُحِبوا إلى قليب بدر قد غَيَّرتهم الشمس، وكان يومًا حارًا (١).

وخرج رسول الله يومًا فلقيه أبو البَخْتَري فأنكر وجهه، فسأله عن حاله فأخبره، وكان بيده سوط، فأتى أبا جهل فعلاه به، فسار بنو مخزوم وبنو أسد بن عبد العزى، فقال أبو جهل: ويلكم، كفوا فإنما يريد محمدٌ أن يوقع بينكم العداوة (٢).

فقال رسول الله لعقبة بن أبي معيط: يا ابن أبان، ما أنت بمقصر عمّا أرى؟ فقال عقبة: لا، حتى تدع ما أنت عليه. فقال رسول الله : والله لتنتهين أو لتحلَّنَّ بك قارعة.

قال أبو جهل: والله لئن رأيت محمدًا يصلي لَأَطَأَنَّ رقبته. فبلغه أنه يصلي، فجاءه وقال: ألم أنهك عن الصلاة؟ فانتهره رسول الله فقال: أتنهرني وأنا أعز أهل البطحاء؟ فقال له العباس -وكان قريبًا منه-: كذبت. فنزل قوله تعالى: ﴿أَرَأَيتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ (٣) [العلق: ٩، ١٠].

قال عبد الله بن عَمرو: بينا النبي بفناء الكعبة، إذ أقبل عُقْبَةُ بن أبي مُعَيط فأخذ بمنكب رسول الله ، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر . فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله ، وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (٤) [غافر: ٢٨] وفي رواية: أقبلوا على أبي بكر فجعلوا شعره خُصلًا وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وفي ضمنه: كيف تسلط عدوك على وليك (٥)؟.

وقال ابن عباس: اجتمع القوم في الحِجْر، فتعاهدوا على قتل رسول الله ،


(١) مسلم (١٧٩٤) (١١٠).
(٢) أخرجه البزار في "مسنده" (١٨٥٣)، والطبراني في "الأوسط" (٧٦٦) من حديث ابن مسعود .
(٣) أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" ص ٤٩٣ - ٤٩٤ من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم (٢٧٩٧) من حديث أبي هريرة بغير هذا السياق.
(٤) أخرجه البخاري (٤٨١٥).
(٥) لم نقف عليها.