للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال أبو طالب (١): [من الطويل]

جزى الله رَهْطًا بالحَجون تَبايَعوا … على مَلأٍ يهدي لحَزْم ويرشِدُ

أعان عليها كلُّ صقر كأنَّه … إِذا ما مشى في رَفْرفِ الدِّرعِ أخرَدُ

قُعودًا لدى جنب الحَجون كأنَّهم … مَقاولةٌ بل هم أَعزُّ وأمجَدُ

قال: وأسلم هشام بن عمرو يوم الفتح.

والثاني: أن الله بعث الأَرَضَةَ فأكلت ما في الصحيفة من الجَوْر والظلم، وأبقت ما فيها من قوله: "باسمك اللهمَّ"، فأخبر رسول الله أبا طالب، فقال: أحقًّا ما تقول يا ابن أخي؟ فقال: نعم، أخبرني بذلك ربي. فأخبر أبو طالب أخوته وقال: والله ما كذبني قط. قالوا: فما ترى؟ قال: أرى أن نخرج إلى قريش فنخبرهم بذلك قبل أن يصلهم الخبر. فخرجوا من الشعب، فدخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش، أنكروا ذلك، فناداهم أبو طالب: إِنَّا قد جئناكم في أمر، فأجيبوا عنه، قالوا: وما هو؟ قال: أَخبرني ابن أخي، ولم يكذبني قط: أن الأَرَضَة قد أكلت ما فيها من الظلم والجور وقطيعة الرحم، ولم تتعرض لما كان من اسم الله تعالى، فإن كان ابن أخي صادقًا، فكفوا عنا، وإن كان كاذبًا، دفعناه إليكم. فقالوا قد أنصفت، وجاؤوا بالصحيفة فلما فتحوها، وجدوا الأمر كما قال رسول الله ، فَسُقط في أيديهم، ونكَّسوا رؤوسهم. فقال لهم أبو طالب: هل تبَيَّن لكم ظلمكم وجَوْرُكم؟ فلم يجبه أحد، وانصرفوا. فلم يتعرض أحد بعدها لبني هاشم (٢).

والثالث: أن المُطْعِم بن عدي شرب ليلة فانتشى، فقال: من مثلي؟ فقال له عدي بن قيس التميمي أو عتبة بن ربيعة: إن كنت كما تقول، فما بالُ بني عمك يموتون في الشِّعب جوعًا؟ فقام، فلبس سِلاحه، ولبس معه أبو البَخْتَري، وزهير بن أبي أمية، وهشام بن عمرو، ومَنْ سَمَّيْنا، وجاءوا إلى الشعب، وصاحوا بهم: اخرجوا على رغم


(١) الأبيات في "السيرة" ٢/ ٢٠، من ضمن أبيات.
(٢) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ١٧٨ - ١٧٩، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٢/ ٣١٢، و"المنتظم" ٣/ ٣ - ٤.