للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبعين حجابًا من النور بعد أن جاوز سدرة المنتهى، فثبتت الرؤية.

وسئل أبو العباس بن عطاء، قال: كيف أصف لكم مقامًا انقطع عنه جبريل، والملائكة المقربون، ولم يبق إلا محمد وربه تعالى؟ وفي تلك الليلة ارتفعت الوسائط، ألا ترى إلى قوله لجبريل لمّا زجَّه في النور: يا جبريل، ها هنا يفارق الخليل خليله؟ فقال: لو دنوت أنملة لاحترقت.

* * *

واختلفوا في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)[النجم: ١٨] على أقوال:

أحدها: ما شاهد عند قاب قوسين.

والثاني: الرفرف الأخضر الذي سد الأفق.

والثالث: جبريل في صورته التي خلقه الله عليها (١).

والرابع: الجنة والنار، وما رأى من الملائكة .

قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)﴾، جاء عتيبة بن أبي لهب، فوقف على النبي وقال: يا محمد، هو كافر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم تَفَل عليه وسبَّه. وكان النبي قد زوجه إحدى بناته، فطلَّقها عتيبة في ذلك اليوم، ولم يكن دخل بها. فدعا عليه النبي وقال: "اللَّهمَّ سَلِّط عليه كلبًا من كِلابِكَ". وبلغ أبا لهب، فقال: ما كان أغنى عتيبة عن دعوة محمد .

ثم إن أبا لهب خرج إلى الشام في تجارة ومعه عتيبة، فنزل الزرقاء، فاطلَعَ راهب من صومعته وقال: يا قوم، احفظوا رحالكم، فهذه أرض مَسْبَعَة، فقال أبو لهب لأصحابه: أعينونا الليلة، فإني أخاف على ابني دعوة محمد، فجمعوا حمالهم، وفرشوا لعتيبة في أعلاها، ونام القوم حوله، وجاء الأسد فجعل يتشمم القوم حتى وصل إلى عتيبة وشمه، ثم ضرب بيده، فأخذ يَافوخه، وانتبه القوم وقد أكله، فعاد أبو


(١) انظر تفسير الثعلبي ٦/ ١٥.