للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما وصل رسول الله الرَّوْحاءَ التقاه المسلمون يهنؤونه بالفتح والظَّفَرِ، فقال [سلمة بن] سلامة بن وَقْش -وكان مع رسول الله ببدر-: وهل لقينا إلا عجائز صُلْعًا كالبُدْن المُعَقَّلة، فنحرناها نحرًا، فبماذا يهنئون رسول الله . فتبسم رسول الله وقال: "لا يَا ابن أَخِي، لا تَقُل كَذا، أُولئِكَ المَلأُ مِن قُريشٍ -يعني السادة الأشراف- لَو رَأَيتَهُم لَهِبْتَهم، ولو أَمرُوكَ لأَطعْتَهم، ولو رَأَيتَ فِعَالك مع فِعالِهم لاحتقرته (١)، ولبئس القوم كانوا على ذلك لنبيِّهم" (٢).

وعند انفصال رسول الله عن بدر قاصدًا إلى المدينة، قَتَلَ عُقْبةَ بنَ أبي مُعَيط، والنَّضْرَ بنَ الحارث، واسم أبي معيط: أبان بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وكان أبو عمرو يُسمّى ذَكْوان، وكان عبدًا، فاستخلفه أمية وكنّاه أبا عمرو، فخلف على امرأة أبيه وهي بنت أبان أم الأعياص (٣).

وقال هشام بن الكلبي: خرج أمية إلى الشام، فأقام به عشر سنين، فوقع على أَمَةٍ يهودية من أهل صفورية لرجل من لخم، يقال لها: الثريا، وكان لها زوج يهودي، فحملت منه بذكوان وهي على فراش اليهودي، فاستلحقه (٤) أمية، ثم قدم به مكة وكنّاه أبا عمرو.

وكان عقبة يكنى: أبا الوليد، وكان هو والنضر أشدَّ عداوة لرسول الله من جميع قريش، فأسره يوم بدر عبد الله بن سلمة بن العَجْلاني، فأخذه وأتى به رسول الله فأمر بقتله، فقال: يا ويلتي علام أقتل من بين هؤلاء؟ فقال رسول الله : "لِعَدَاوتِك الله ورَسولَه" (٥). فقال: يا محمد، ناشدتك الله والرحم، فقال: "وأيُّ رَحِم بيني وبينَكَ، وهَل أَنتَ إلَّا عِلْجٌ مِن أَهلِ صَفُّورِيَّةَ".


(١) في النسخ: لاختصرته، والمثبت من "المغازي" ١/ ١١٦.
(٢) وانظر الخبر مختصرًا في "السيرة" ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨، وأخرجه مختصرًا الحاكم في "المستدرك" ٣/ ٤١٨، والبيهقي في "الدلائل" ٣/ ١٤٧.
(٣) هي آمنة بنت أبان، والأعياص هم: العاص، وأبا العاص، والعيص بنو أمية الأكبر "جمهرة النسب" ص ٣٨.
(٤) في النسخ: "فاستخلفه" والمثبت من المعارف ٣١٩.
(٥) "المغازي" ١/ ١١٤، وانظر مقتل عقبة في "السيرة" ٢/ ٢٠٨.