للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الجاهلية تسمى: أم المساكين، لإطعامها إياهم وحُبِّها لهم (١).

وفيها: كانت سرية محمد بن مسلمة الأنصاري (٢) إلى كعب بن الأَشْرَف اليهودي في رمضان، وقيل: في ربيع الأول.

وكان كعب بن الأشرف من طيء، ثم أحد بني نبهان حليف بني النَّضير، وكانت أُمُّه منهم، واسمها: عقيلة بنت أبي العقيق، وكان أبوه قد أصاب دمًا في قومه، فأتى المدينة فنزلها.

ولما جرى ببدر ما جرى قال: ويحكم أحق هذا، أو أن محمدًا قتل أشراف العرب وملوكها؟ والله لئن كان هذا حقًّا، لبطن الأرض خير من ظهرها، فخرج (٣) حتى قدم مكة، فنزل على المُطَّلب بن أبي وَداعة السهمي (٤)، وعنده عاتكة بنت أَسِيد بن أبي العيص بن أمية، فأكرمه المطلب، فجعل ينوح ويبكي على قتلى بدر، ويحرِّض الناس على رسول الله ، وينشد الأشعار، فمن ذلك (٥): [من الكامل]

طَحَنَتْ رحى بدر لِمَهْلكِ أهلهِ … ولِمِثْلِ بدر تَسْتَهِلُّ وتَدْمَعُ

قُتِلَتْ سَراةُ الناس حول حياضه … لا تبعدوا إن المُلوك تُصرَّعُ

ليزور يثربَ بالجموعِ وإنّما … يحمي على النسب الكريمُ الأورعُ

وشبَّب بأم الفضل زوجة العباس وبغيرها، ثم رجع إلى منزله بظاهر المدينة، وبلغ رسول الله ذلك، فقال: "من لكعب بن الأشرف"؟ فقال محمد بن مسلمة الأنصاري: أنا له يا رسول الله (٦).

قال جابر بن عبد الله: قال رسول الله : "من لكعب بن الأشرف، فقد آذى الله ورسوله"؟ فقال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله؟ قال: "نَعَم". قال: فأذن لي فَلْأَقُل.


(١) انظر "المنتظم" ٣/ ١٦١.
(٢) انظر "السيرة" ٣/ ٧، و"المغازي" ١/ ١٨٤، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٢٨، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٤٨٧، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٣/ ١٨٧، و"البداية والنهاية" ٤/ ٥.
(٣) في (ك): حتى خرج، وليس في (أ، خ)، والمثبت من طبقات ابن سعد.
(٤) في النسخ: "التميمي"، والمثبت من"السيرة"، وانظر "جمهرة أنساب العرب" ص ١٦٣ - ١٦٤.
(٥) الأبيات في "السيرة" ٣/ ٨، وما بين حاصرتين زيادة منه.
(٦) "السيرة" ٣/ ٨.