للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَولانَا ولا مَولَى لَكُم" (١).

وقال أنس: لما كان يوم أحد حاصَ أهل المدينة حَيصَة، وقالوا: قتل محمد. وكثرت الصوارخُ في نواحي المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار، فمرت على ابنها وأخيها وزوجها، فلم تلتفت إليهم حتى جاءت رسول الله ، فأخذت بناحية ثوبه وجعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي بمن عَطِبَ إذا سَلِمْتَ، كلُّ مصيبةٍ بعدك جَلَل (٢).

وكان عامة الناس قد حملوا موتاهم إلى المدينة، فنادى رسول الله : "رُدُّوا قتلاكم إلى مضاجعهم" (٣). فأدرك مناديه رجلًا واحدًا لم يدفن وهو: شمّاس بن عثمان المخزومي، فرده إلى مضجعه (٤).

ثم انصرف رسول الله في ذلك اليوم وهو يوم السبت، فصلى بالناس المغرب. واستقبلته حَمْنةُ بنت جحش، فنعى إليها أخاها عبد الله بن جحش، فاستغفرت له، ثم نعى إليها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعى إليها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول الله : "لَزوجُ المرأة منها بمكان" (٥).

وشَمِتَ المنافقون برسول الله ، وعبدُ الله بن أبي (٦).

ولما دخل رسول الله بيته، ناول فاطمةَ سيفه وقال: "اغسلي عنه الدم يا


(١) انظر "الطبقات الكبرى" ٢/ ٤٤.
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٧٤٩٩)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٦/ ١١٥ وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه عمد بن شعيب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
أما قوله: كل مصيبة بعدك جلل، فهو من حديث سعد بن أبي وقاص كما في "السيرة" ٣/ ٤٣.
(٣) أخرجه أبو داود (٣١٦٥)، والترمذي (١٧١٧)، والنسائي (٢٠٠٤)، وأحمد في "مسنده" (١٤١٦٩) من حديث جابر .
(٤) انظر الخبر في "المغازي" ١/ ٣١٢، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٤١.
(٥) "السيرة" ٣/ ٤٢.
(٦) "الطبقات الكبرى" ٢/ ٤١.