للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: يا محمَّد، أجئت للقاء قريش؟ قال: "نَعَم، وإن شِئتَ يا أخَا ضَمْرةَ رَدَدْنا إليك ما كانَ بينَنَا وبينَكَ، ثم جَالدْناكَ حتى يَحكُمَ اللهُ بينَنا وبينَكَ" فقال: لا والله يا محمَّد ما لي بذلك من حاجة (١).

وقال الواقدي: كانت هذه الغزاة في ذي القعدة، وكان نُعيم بن مسعود قد اعتمر، فلما قدم مكة للعمرة، قال له أبو سفيان: من أين؟ قال: من يثرب قال: هل رأيت لمحمد حركة؟ قال: نعم تركته على تعبئة لغزوكم، وذلك قبل أن يسلم نُعَيْم. فقال له أبو سفيان: ونحن قاصدوه. ثم خرج إلى مَرِّ الظهران، وقال لنعيم: هل لك في عشر قلائص يضمنها لك عني سُهيل بن عمرو، وترجعَ إلى يثرب فتُثَبَّطَهم عنا، فإن هذا عامُ جَدْبٍ ولا يُصْلِحُنا إلا عامٌ غَيْداق - أي: خصيب - فرجع نُعيم إلى المدينة ورسول الله على عزم الخروج، فجعل يُثَبِّط الناس: ألم يُجْرَحْ محمدٌ في نفسه؟ ألم يُقْتَل أصحابُه، وبلغ رسول الله فقال: "والذي نفسي بيده لو لم يخرج معي أحد، لخرجت بنفسي".

ثم خرج وخرج معه المسلمون، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، وحمل لواءه علي بن أبي طالب .

وخرج التجار بتجاراتهم، وكان بدر سوقًا يقام في كل سنة، ولما نزل رسول الله بدرًا، وبلغ أبا سفيان، ألقى الله في قلبه الرعب وقال: كانوا يوم أُحد شِرْذِمةً يسيرة وقد جاؤونا بالحد والحديد. فرجع إلى مكة (٢)، وأنزل الله تعالى: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [آل عمران: ١٥١] الآية، وأنزل الله ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] الآية.

وفيها: ولد الحسين بن علي (٣)، لخمس ليال خَلَوْنَ من شعبان، وكان بين عُلوقِ فاطمةَ بالحسين ومولد الحسن خَمسون يومًا، وأذَّن رسول الله في أُذُنِه وعَقَّ عنه، كما فعل بالحسن .


(١) "السيرة" ٢/ ٢١٠.
(٢) "المغازي" ١/ ٣٨٥ - ٣٨٨.
(٣) انظر "الطبقات" ٦/ ٣٩٩، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٥٥٥، و"المنتظم" ٣/ ٢٠٤، و"البداية والنهاية" ٤/ ٩٠.