للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت أنَّ النبيَّ كان يُحِبُّ الطِّيبَ (١).

وذكر العلماء بأخبار الهند والصين أنَّ المسك من غزلان الصين، وأن التُّبَّتي أذكى، لطيب مراعي غزلان التُّبَّت، وعلامة غزلان التُّبَّت الأنياب، فإن لكلِّ واحد نابين كنابيِّ الفيل خارجة من الفكين نحو شبر، فتنصبُ لها الأشراك وتُرمى بالسهام، فإذا صرعوها قطعوا عنها نوافجها والدمُ في سررها خام لم ينضج، فيكون له رائحة زَهِكة (٢)، فيبقى زمانًا حتى تذهب عنه تلك الرائحة بالهواء.

وأما المسك الخالص فيأتي الغزال وقد استحكم في سرَّته المسكُ ودفعت الطبيعة موادَّ إلى سرَّته وقد قلق من ذلك، فيحتكُّ بالصخر مع شدةِ حرارة الشمس فتنفجر وتسيل على الصخور كما ينفجر الدُّمَّل إذا نضج ما فيه، فيفرغ ما في نافِجته -والنافِجة بالفارسية هي السرَّة (٣) - فيخرج الصيادون وقد أعدوا له الأوعية، وتسمى: النوافج، فيأخذونه من الصخور، وهو أفضل المسك وأطيبه ولا يكون له زَهَكة.

وأما العنبر، فقد اختلفوا فيه على أقوال:

أحدها: أنه عين في البحر الشرقي، قاله مجاهد.

والثاني: أنه خِثْي دابةٍ من دواب البحر، قاله الهيثم بن عدي.

والثالث: أنه حشيش ينبت في جزائر البحر عند الواقواق فتبلعه دواب البحر ثم تلقيه.

والرابع: أن البحر يهيج فيقذف بالعنبر من قعره كأمثال الجبال، فيبلعه الحيوان المعروف بالأوال، فإذا حصل في جوفه قتله، فيموت ويطفو على الماء، فيجذبونه بالكلاليب فيأخذونه، فما لقي في ظهر الحوت منه كان جيِّدًا، وما لقي في بطنه كان سهكًا فيبقى فيه أثره، قاله مقاتل.

واختلف الفقهاء في وجوب الخُمس في العنبر:


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥٠٠٣) من حديث عائشة .
(٢) زهك وسهك: الريح الكريهة ممن عرق "القاموس المحيط": (زهك وسهك).
(٣) انظر "المعجم الذهبي": (نافه).