للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمرهم أن يَرمُلوا ثلاثةَ أشواط وأن يمشوا بين الرُّكْنين، فلما رَمَلوا قال المشركون: أهؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى وهنتهم، هؤلاءِ أجلدُ منا (١).

وقال ابن الكلبي: خرج رسولُ الله من المدينة ومعه الخيل، واستعمل على الخيل محمد بن مسلمة وعلى السلاح بشير بن سعد، وبلغ قريشًا فخافوا منه، فبعثوا إليه مِكْرزَ بن حفص فلقيه بمَرِّ الظهران، فقال: يا محمد ما عُرِفْتَ صغيرًا وكبيرًا إلا بالوفاء، فما هذا السلاح؟ فقال: ما أَدْخُلُ عليكم به وإنما يكون قريبًا مني، فرجع فأخبرهم فاطمأنوا (٢).

وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: حدَّثنا حُجَيْنُ، حدَّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراءِ بن عازبٍ قال: اعتمرَ رسولُ الله في ذي القَعْدَة فأبى أهل مكة أن يَدَعُوْهُ يدخل مكة، حتى قاضاهم أن يعود في العام المقبل ويقيمَ بها ثلاثة أيام، وذكر حديث الكتاب وأَنْ لا يدخل مكة من السلاح إلا السيف في القِرابِ ولا يخرج من أهلها أحد إلا من أراد أن يتبعه، فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليًا وقالوا: قل لصاحبك يخرج عنا، فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله (٣).

وللبخاري ومسلم زيادة: فتبعتهم ابنةُ حمزةَ تُنادي: يا عمِّ، يا عمِّ، فتناولها عليٌّ فأخذ بيدها وقال لفاطمة: دونَكِ ابنةَ عمك فاحتمليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أنا أحق بها هي ابنة عمي، وقال جعفر: بنت عمي وخالتُها تحتي، وقال زيد: بنت أخي، فقضى بها رسولُ الله لخالتها، وقال: "الخالَةُ بمنْزِلَةِ الأُمِّ" وقال لعلي: "أَنتَ منِّي وأَنا منكَ" وقال لجعفر: "أَشبَهتَ خَلْقِي وَخُلُقِي" وقال لزيد: "أَنتَ أَخُونا ومَولانا" (٤).

واختلف العلماء في اسم بنت حمزة: فقيل: أمامة، وقيل: عنزه، وقيل: فاطمة، وخالتُها أسماء بنت عميس.


(١) أخرجه البخاري (١٦٠٢)، ومسلم (١٢٦٦)، واللفظ لأحمد في "مسنده" (٢٦٣٩).
(٢) انظر "المغازي" ٢/ ٧٣٤.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٨٦٣٥).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٩٩)، ولم نقف عليه عند مسلم، وانظر "الجمع بين الصحيحين" (٨٥٨).