للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وادي القرى، وهو مكان كثير الطَّلْح، في خمسة عشر رجلًا، وكانت قضاعةُ بذاتِ أطْلاح في خلق كثير، فقاتلوهم فأصابوا أصحاب كعب وعاد كعب إلى المدينة جريحًا.

وقيل: كان أمير هذه السرية عمرو بن كعب الغِفاري.

وفيها: كانت سرية سعد بن زيد بن مالك بن كعب بن عبد الأشهل (١)، في رمضان إلى مناةَ بالمُشَلَّلِ فهدمها.

وفيها: كانت غزاة مؤتة (٢) في جمادى الأولى.

وسببها أن النبي بعث رسولًا اسمه الحارث بن عُمَيْرٍ الأَزْدي، وقيل: ابن عمرو الأزدي إلى صاحب بُصرى بكتابٍ، فلما نزل أرْضَ مؤتة وهي أدنى أرض البلقاء إلى الحجازِ عَرَض له شُرَحْبيل بنُ عَمْرو الغساني فقتله، ولم يُقْتَلْ للنبي رسولٌ سِواه، وبلغ رسولَ الله فنَدَبَ المسلمين للمسير إلى الشام فخرجوا فعسكروا بالجُرْف في ثلاثة آلاف فارس، وأمّر عليهم رسول الله زيد بن حارثة، قال: "فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة" وعقد لزيدٍ لواءً أبيضَ ودفعه إليه، وخرج رسولُ الله يُشَيِّعُهم وقال لهم: ائتوا مقتل الحارث بن عُمَيْر فادعوا من هُناكَ إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلَّا قاتلِوهم واستعينوا بالله عليهم، ولم يزل معهم إلى ثَنِيَّةِ الوَداع. وودَّعَ الناسُ بعضُهم بعضًا فبكى عبد الله بن رواحة فقال الناس: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما أبكي على الدنيا ولا صَبابةً بها، ولكني سمعت النبي يقول قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم: ٧١] فقد أخبرني أني وارد ولم يخبرني أني صادر، فقال المسلمون: صحبكم الله ودفع عنكم وردَّكم إلينا سالمين، فقال: [من البسيط]

لكنني أسألُ الرحمنَ مغفِرةً … وضربةً ذات فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدا

أو طعنةً بيَدَي حَرَّان مُجْهِزَةً … بحربةٍ تُنفِذُ الأحشاءَ والكَبِدا


(١) انظر "الطبقات" ٢/ ١٣٦، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٦٦، و"المنتظم" ٣/ ٣٣٠.
(٢) انظر "السيرة" ٢/ ٣٧٣، و"المغازي" ٢/ ٧٥٥، و"الطبقات" ٢/ ١١٩، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٣٦، و"المنتظم" ٣/ ٣١٨، و"البداية والنهاية" ٤/ ٢٤١.