للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الجنة على سرر متقابلين، ورأيت جعفرًا مَلَكًا ذا جناحين مضرَّجًا بالدماء مصبوغَ القَوادِمِ" (١).

وقال ابن عباس: قال النبي : مرَّ بي البارحةَ جعفرٌ في نفر من الملائكة له جناحان مُخضَّبَ القوادم بالدم، يريدون أرض بيشة (٢).

قال الشعبي: بيشة من أطيبِ أراضي اليمن وأحسنِها، قريبةٌ من قبر هود ، يجتمع إليها الشهداء والصائمون.

قال الجوهري: بيشة - بكسر الباء - اسم موضع، قال الشاعر (٣):

سقى جَدَثًا أَعراضُ غَمْرةَ دُوْنَه … وبيشةَ وَسْميُّ الربيع ووابِلُه

وقال عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: جاء رسولُ الله إلى بيت جعفر فوجدهم يبكون عليه فقال: "لا تَبْكُوا على أَخِي، فإنَّه يَطِيرُ في الجنَّة" فحَلَق رُؤُوسَهُم، وقال: "أَمَّا مُحمدٌ: فَشبيهٌ بعَمِّنا أبي طَالِبٍ، وأمَّا عبدُ الله: فَشبيهٌ بخَلْقِي وخُلُقي" ثم صنع لهم طعامًا وجعلهم معه في أهله، وقال: "أنا وَلِيُّهُم في الدُّنيا والآخِرةِ" (٤).

وقال الواقدي: دعا رسول الله بأولاد جعفر وهم ثلاثةٌ: عبدُ الله ومحمدٌ وعونٌ، وأمهم أسماء بنتُ عُمَيْس فشمَّهم ودمعت عيناه وقال لأمهم: "استَوصي بهم خيرًا" ولم تكن علمت، فقالت: وما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: "أصيبَ جَعفرٌ وأَصحابُه في هذا اليَومِ" فأخذت تصيح فقال: "لا تَفعَلي فإنَّه يَطيرُ في الجنَّة بجَناحَينِ" ثم دخل على فاطمة وهي تبكي وتقول: واعمَّاه، فبكى وقال: "يا بنيةُ، على مثلِ جعفرٍ فلتَبكِ البَواكي" (٥).


(١) "الطبقات" ٢/ ١٢٠ - ١٢١ ضمن حديث طويل.
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٤/ ٣٦ دون ذكر بيشة، من حديث عبد الله بن المختار.
(٣) هو الشمردل بن شريك اليربوعي، والبيت في "الصحاح" (بيش)، وفي "الوافي بالوفيات" ١٦/ ١٠٦.
(٤) الطبقات ٤/ ٣٤.
(٥) "المغازي" ٢/ ٧٦٦.