فإن قيل: فيلزم على هذا أن يكون الجزر والمدّ في جميع البحار، قلنا: قد ذهب قومٌ إلى هذا، وإنما لم يظهر في غير بحر البصرة لوجهين: أحدهما: لبعد المسافة واتساع البحار، ومن لجَّجَ من المسافرين في البحار يذكر أنه شاهده، والثاني: فلأنَّ مكان المدّ والجزر في البصرة تحت خط الاستواء واعتدال الليل والنهار وعليه الكواكب الثابتة، وهذا المعنى لا يوجد في غيره.
وأما قول من علَّل بزيادة القمر ونقصانه، فغير صحيح، لأنه لو كان كذلك لتعلَّق بزمان مخصوص، فإن القمر يزيد في أول الشهر وينقص في آخره، والمدُ والجزر يكون في كلِّ يوم وليلة فافترقا.
وأما من قال بأنه من الأبخرة في قلَّتها وكثرتها فباطلٌ، لأنه يحتاج إلى زمان طويل يجتمع فيه، وهذا يوجد في كل يوم وليلة.