للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الواقدي: والتفت رسول الله إلى بَعْضِ الأَنصارِ فقال له: كيف قال حسَّان ابن ثابت؟ فأنشده: [من الوافر]

عَدِمنا خَيْلَنا إن لم تَرَوْها … تُثير النَّقْع من طرفي كَداءِ (١)

وهو إقواء من أبياتٍ أَوَّلُها:

عَفَت ذاتُ الأَصابعِ فالجِواءُ … إِلى عَذْراءَ منزلُها خَلاءُ

كأنَّ سلافةً من بيتِ رأسٍ … يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ

ونَشربُها فَتَتركُنا ملوكًا … وأُسْدًا ما يُنَهْنِهُنا اللِّقاءُ

عَدِمنا خَيلنا إن لم تَروْها … تَسيلُ بها كُديٌّ أَو كَداءُ

يُنازِعْنَ الأعنَّةَ مُصغياتٍ … على أكتافها الأَسَلُ الظِّماءُ

تظلُّ جيادُنا متمطِّراتٍ … يُلَطَّمُهُنَّ بالخُمُرِ النساءُ

فإِمَّا تُعْرِضُوا عنا اعْتَمرنا … وكانَ الفَتْحُ وانكشَفَ الغِطاءُ

وإلَّا فاصبروا لِجلادِ يَومٍ … يُعينُ الله فيه مَنْ يشاءُ

وجبريلٌ رسولُ الله فينا … وروحُ القُدْسِ ليس له كِفاءُ

لنا في كلِّ يوم من مَعَدٍّ … قِتال أو سِبابٌ أو هِجاءُ

هَجَوْتَ محمَّدًا فأجَبْتُ عنه … وعِنْدَ الله في ذاكَ الجزاءُ

أتذكرُهُ ولستَ له بكُفءٍ … فشرُّكُما لخيرِكُما الفِداءُ

ومَنْ يَهجو رَسولَ اللهِ مِنكم … ويَمدَحُهُ ويَنصُرُه سَواءُ

فإنَّ أبي ووالدتي وعِرْضي … لِعرضِ محمد منكم فِداءُ

وعن أبيّ بن كعب قال: لما كانَ يومُ أُحُدٍ قُتِل من الأَنْصار ستّون رجلًا وستّةٌ من المهاجرين، فقال أصحاب رسول الله : إن كان لنا يومٌ مثلُ هذا من المشركين لنُرْبيَنَّ عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يُعْرَفُ: لا قُريشَ بعد اليوم، فنادى منادي رسول الله : أمِنَ الأسودُ والأبيضُ إلَّا فلانًا وفلانًا، ناسٌ سمّاهم رسول الله


(١) "المغازي" ٢/ ٨٢٥. ورواية "السيرة" ٢/ ٤٢٢:
عدمنا خيلنا إن لم تروها … تثير النقع موعدها كداءُ
وعليه فلا إقواء.