للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودريد يعد في الشعراء الفرسان، ووفد على الحارث بن أبي شَمِر الغَسَّاني.

وقال أبو حاتم: كان مالك بن عوف يخرج بدريد في الحروب يتيمَّن برأيه، ولم يخالفه إلا في هوازن.

ذكر مقتله:

يقال: إن أبا عامر الأشعري قتله، فرماه ابنه سلمة بن دريد بسهم فقتل أبا عامر.

وقال الواقدي: لما انهزم الناس يوم حنين أتوا الطائفَ، وعسكر ناس منهم بأَوْطاس، وتوجه بعضهم نحو نَخْلَةَ، فبعث رسولُ الله في آثارهم، فأدرك ربيعةُ بن رُفَيعْ بن وهبان السلمي دريدَ بن الصمة، فأخذ بخِطام جمله وهو يظن أنه امرأة وهو في شِجارٍ له (١)، فأناخ الجملَ، وإذا فيه شيخ كبير ابن ستين ومئة وهو لا يعرفه، فقال له دريد: ما تريد؟ قال: قتلك، قال: وما تريد إلى المُرْعِشِ الكبير الفاني الأَدْرَدِ (٢)، فقال الفتى: ما أُريد إلى غيره ممَّن هو على مِثْلِ دينه، فقال له دُرَيد: من أنت؟ فانتسب له، وضربه بسيفه فلم يُغْنِ شيئًا، فقال دريد: بئس ما سلَّحتكَ أُمُّكَ، خذ سيفي من وراء الرَّحْل في الشِجار واضرب به وارفع عن العِظامِ واخفض عن الدماغ، فإني كنتُ كذلك أقتُلُ الرجال، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قَتْلتَ دُرَيْد بن الصمة، فربَّ يوم قد منعت فيه نساءك، فلمّا ضَرَبَهُ تكشَّف عَجُزُه وبطونُ فَخْذَيْه فإذا بها مثلُ القراطيس من ركوب الخيل، فلما رجع ربيعةُ إلى أمه أخبرها فقالت: والله لقد أعتق دُرَيْدٌ أُمَّهاتٍ لك ثلاثًا في غَداة واحدة وجزَّ ناصية أبيك، فقال الفتى: لم أشعر (٣).

فقالت عَمْرة (٤) في قتل ربيعةَ دريدًا: [من الوافر]

جَزى عني الإلهُ بني سُلَيْمٍ … وأَعقَبَهم بما فَعلوا عَتاقِ (٥)

وأسْقَانا إذا قُدنا إليهم … دِماءَ خِيارِهم عندَ التلاقِي


(١) الشجار: هو مركب مكشوف دون الهودج.
(٢) الأدرد: الذي لا سن له.
(٣) "المغازي" ٣/ ٩١٤ - ٩١٥، وما بين معقوفين زيادة منه، وانظر "السيرة" ٢/ ٤٥٣ - ٤٥٤.
(٤) هي عمرة بنت دريد بن الصمة، والأبيات في "السيرة".
(٥) في السيرة: وعقتهم بما فعلوا عَقاق.