للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَمّنوهما. فدَعَوا نساءً من قريشٍ ليخرجنَ إليهما وهما يخافان السبيَ عليهن، منهن ابنة أبي سفيان كانت عند عروة بن مسعود ولم يكن عروةُ حاضرًا، والفِراسِيَّةُ بنتُ سُويد بن عمرو بن ثعلبة عند قارِب بن الأسود، وامرأةٌ أُخرى (١).

وكان رجلٌ يقومُ على الحِصْنِ فيقول: روحوا يا رعاءَ الشاء، يا عبيد محمد، فقال رسول الله : "اللهمَّ روّحه إلى النار" فرماه سعد بن أبي وقاص بسهم فوقع في نَحْرهِ، فهوى من الحصن ميِّتًا، فَسُرَّ رسول الله بذلك (٢).

ورمى أبو محجن عبدَ الله بنَ أبي بكرٍ ، ثم أُخرجَ السهمُ من الجرحِ وبرِئ واندمل، وأمسك أبو بكر [السهمَ عنده، وتوفي عبدُ الله، وقدمَ أبو محجن في خلافةِ أبي بكر]، فأخرج له السهم وقال: هل تعرف هذا يا أبا محجن؟ فقال: [كيف] لا أعرفُه وأنا بَرَيتُ قدحه ورِشْتُه ورميتُ به ابنك، والحمد لله الذي أكرمه بيدي ولم يُهنِّي بيده (٣).

ونادى منادي رسول الله : أَيما عبدٍ نزل إلينا من الحصن فهو آمن، فنزل جماعةٌ منهم: أبو بكرة نُفَيعُ بن الحارث بن مسروح، وكان [عبدًا] للحارث بن كَلَدةَ، وكُنِّي بأبي بكْرة لأنه نزل من الحصنِ في بكْرةٍ، فسلَّمه رسول الله إلى عمرو بن العاص يعلِّمُه القُرآنَ والسُّنَنَ، وكذا فعل بالباقين؛ دفع إلى كلَّ واحدٍ من المسلمين رجلًا يمونُه ويعلِّمه (٤). فلما أسلم هل الطائف تكلَّموا فيهم ليُرَدُّوا إلى الرِّقِّ، فقال رسول الله : "أولئك عتقاء الله، لا سبيلَ لكم عليهم" فبلغ ذلك من أهل الطائفِ.

وقال ابن إسحاق: ردّ رسول الله كل عبدٍ إلى مولاه لمّا أَسلم مواليهم.

وقال عُيَيْنةُ بن حصنٍ: يا رسول الله، ائذن لي حتى آتي الحصن فأُكلِّمهم، فأذن له فجاءهم وقال: أَدنو منكم وأنا آمِن؟ فعرفه أبو محجن فقال: أَدْنُوه، فدخل الحصنَ فقال: فداكم أبي وأُمي، واللهِ لقد سرَّني منكم ما رأيتُ، واللهِ إنْ في العربِ أحدٌ مثلكم، واللهِ ما لاقى محمد مثلكم قطُّ، ولقد ملَّ المُقامَ فاثبتوا في حِصْنِكم فإنه حصين، وسلاحكُم كثيرٌ. فلما خرج قالت ثقيف لأبي مِحْجَن: إنا كَرِهْنا دخوله علينا،


(١) "المغازي" ٣/ ٩٢٩، وانظر "السيرة" ٢/ ٤٨٣ - ٤٨٤.
(٢) "المغازي" ٣/ ٩٢٩ - ٩٣٠.
(٣) المغازي ٣/ ٩٢٦، وما بين حاصرتين منه.
(٤) "المغازي" ٣/ ٩٣١ - ٩٣٢.