للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله : "نِساؤُكُم وأَبناؤُكُم أَحبُّ [إليكم أم أموالكم؟ " فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا، بل ترد إلينا نساءنا وأبناءنا، فهو أحبُّ] (١) إِلينا، فقال: "مَا كانَ لي ولبَني عَبدِ المطَّلبِ فهوَ لكُم، وإذا صلَّيتُ الظهرَ بالناسِ فَقُومُوا وقُولُوا: إنا نَستَشفِعُ برسُولِ اللهِ إلى المُسلِمينَ وبالمُسلمينَ إلى رسُول الله في أَبنائِنَا ونِسائِنَا"، فلما صلوا الظهر فعلوا ما أمرهم به، فقال رسول الله : "ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم" وقال المهاجرون والأنصار: ما كان لنا فهو لله ورسوله، وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال العباس بن مرداس السلمي: أما أنا وبنو سليم [فلا، فقالت بنو سليم:] بلى ما كان لنا فهو لرسول الله ، وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا، فقال رسول الله : "من أمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ستة فرائض من أَوَّلِ فَيءٍ نُصيبُه" فقال المسلمون: رضينا وسلمنا، ودفعوا ما كان بأيديهم من السبي إلى أهاليهم (٢).

وكان عيينةُ قد اختار من السبي عجوزًا كبيرة وقال: هذه أم الحي، لعلهم أن يُغلوا بفِدائها وعسى أن يكون لها في الحي نسبٌ، فجاء ابنها إليه فقال: هل لك في مئة من الإبل؟ قال عيينة: لا، فانصرف وجعلت العجوز تقول لابنها: دعه فوالله ليتركني بغير فداء، فرجع الفتى إليه فقال عيينة: هل لك فيما دعوتني إليه؟ قال: لا أزيدك على خمسين ناقة، فقال عيينة: خذها بغير شيء لا بارك الله لك فيها، لا حاجة لي إليها، فقال ابنها: هي عُريانةٌ، فأَخَذ لها منه شملة (٣).

وكان رسولُ الله قال: "إن قدرتم على بجاد - رجلٍ من بني سعد بن بكر - فلا يفوتنكم" وكان قد أحدث حدثًا فظفر به المسلمون فأتوا به، وكانت الشيماء أخت رسول الله من الرضاعة، فسألته فيه فأطلقه لها (٤).

ولما ردَّ رسول الله على هوازن نساءهم وأبناءهم اتبعه الناس يقولون: يا رسول الله اقسِم علينا فيئنا، حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعَتْ رِداءهُ، فقال: "أَيُّها


(١) ما بين حاصرتين مستدرك من "السيرة" ٢/ ٤٨٩.
(٢) "السيرة" ٢/ ٤٨٩ - ٤٩٠، و"المغازي" ٣/ ٩٥٠ - ٩٥٢.
(٣) "المغازي" ٣/ ٩٥٢ - ٩٥٤، وانظر "السيرة" ٢/ ٤٩٠.
(٤) "تاريخ الطبري" ٣/ ٨٠ - ٨١.