للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضوان الله عليه، ورايته العظمى إلى الزبير ، وراية الأوسِ إلى أُسَيْد بن حضير، ولواءَ الخزرج إلى أبي دُجانةَ، وقيل: إلى الحباب بن المنذر.

وكانوا يرحلون عند مَيْلِ الشمس فما يزالون إلى الليل (١). وكان سيرُهم في خامسِ رجب، وقيل: في عاشره.

وكان قد تخلف عن رسول الله نفرٌ من المسلمين أبطأت بهم النِّيَّةُ من غير شكٍّ منهم ولا ارتيابٍ، فمنهم: كعبُ بن مالك، ومُرارةُ بن الربيع، وهلال بن أمية، وأبو خيثمة (٢).

ولما سار رسولُ الله إلى تبوك كان يتخلف رجلٌ، فيقولون: يا رسول الله تخلَّف فلان فيقول: "دعوه، إن يكُ فيه خَيْرٌ، فسَيُلْحِقْه الله بكم، وإن يك غير ذلك، فقد أراحكم الله منه"، فلاح راكبٌ فقال رسول الله : "كُن أبا ذَرٍّ" فقالوا: هو أبو ذر، فقال: "يَرحمهُ اللهُ يَمشِي وَحدَهُ" (٣).

ورجع أبو خيثمة بعد مسير رسول الله إلى أهله في يومٍ حارٍ، فوجد امرأتين له قد رشَّت كل واحدة منهما عريشها، وبردت له فيه ماءً وهيأت له فيه طعامًا، فلما نظر إلى ذلك قال: رسولُ الله في الضَّحِّ والريحِ والحرِّ، وأبو خيثمةَ في ظلٍّ وماء بارد وطعام مهيَّأٍ وامرأة حسناء، مقيمٌ في ماله، ما هذا بالنَّصَفِ، ثم قال لأهله: لا أدخل عريشَ واحدةٍ منكما حتى ألحق برسولِ الله فهيِّئا لي زادًا، ففعلتا، ثم قدَّم ناضِحَه وارتحل في طلب رسول الله حتى أدركه بتبوك حين نزلها، وقد كان وافق عُمَيْر بنَ وهبٍ الجمحيَّ في الطريق فقال له: تخلَّفْ عني فلي ذنب، فلما دنا قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبلٌ، فقال رسول الله : "كُن أبا خَيثمةَ" فلما وصل إلى رسول الله وأخبره الخبَرَ فدعا له وقال خَيرًا (٤).

وحين مرَّ رسولُ الله بالحِجْرِ ونزله ليستقي الناس من بئرها قال: "لا تشربوا من


(١) "المغازي" ٣/ ٩٩٦.
(٢) "السيرة" ٢/ ٥١٩.
(٣) "السيرة" ٢/ ٥٢٣ - ٥٢٤، و"دلائل النبوة" ٥/ ٢٢١ - ٢٢٢.
(٤) "السيرة" ٢/ ٥٢٠ - ٥٢١.