للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال له: ماعز بن مالك، فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت، وأريد أن تطهرني، فقال له رسول الله : "ارْجِع"، فلما كان من الغد أتاه، فاعترف عنده بالزنا، فقال له رسول الله : "ارْجِع"، ثم أرسل إلى قومه، فقال: "ما تَعرِفُون من ماعِزِ بن مالكٍ الأَسْلَمي، هَل تَرونَ به بأْسًا، أو تُنْكِرون من عَقلِه شيئًا"؟ فقالوا: لا، ثم عاد إلى رسول الله الثالثة والرابعة، فأرسل إلى قومه، فقالوا: ما نعلمه إلا وفيَّ العقل من صالحينا، فأمر رسول الله فحفر له حفرة إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه.

قال بريدة: كنا نتحدث - أصحاب النبي أن ماعزًا لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه، وإنما رجمه عند الرابعة (١).

وقال أحمد رحمة الله عليه: حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن سعد، أخبرني أبي يزيد ابن نعيم بن هزَّال، عن أبيه قال: كان ماعز بن مالك في حِجر أبي، فأصاب جاريةً من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله فأخبره بما صنعت، لعلَّه يستغفر لك، فخرج، فأتاه، فقال: يا رسول الله، إني زنيتُ فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه إلى أن أتاه الرابعة، فقال: "إنَّكَ قد قُلْتَها أَربَعَ مرَّاتٍ، فبِمَن؟ " قال: بفلانة، قال: "هَل ضاجَعْتَها؟ هل جامَعْتَها؟ " قال: نعم، فأمر به، فرجم، فوجد مَسَّ الحجارةِ، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله ابن أُنَيس، فنزع له بوَظِيفِ بعير، فقتله، فذُكر ذلك لرسول الله -فقال: "هَلَّا تَركتُموه، لَعلَّه يَتوبُ، فيَتُوبَ اللهُ عليه، يا هزَّالُ، لو كُنتَ سَترتَه بثَوبِكَ كانَ خيرًا لكَ مِمَّا صَنَعتَ بهِ" (٢).

وروى ماعز عن النبي أنَّه سئل: أي الأعمال أفضل؟ فقال: "إيمانٌ باللهِ وَحدَهُ، ثم الجِهادُ، ثم حَجَّةٌ مَبرُورَةٌ - أو بَرَّةٌ - تَفْضُل سائِرَ العَمَلِ، كما بينَ مَطلِعِ الشَّمسِ إلى مَغربِها" أخرجه الإمام أحمد (٣).

وقال بريدة (٤): كنت جالسًا عند رسول الله فجاءته امرأة من غامدٍ، فقالت: يا


(١) أخرجه أحمد بتمامه في "المسند" (٢٢٩٤٢)، ومسلم دون قول بريدة الأخير (١٦٩٥). ومن هنا إلى بداية حديث الغامدية ساقط من (ك).
(٢) أحمد في "مسنده" (٢١٨٩٠).
(٣) أحمد في "مسنده" (١٩٠١٠).
(٤) في (ك): "وبهذا الإسناد عن بريدة قال" وكأنه جمع بين حديث ماعز وحديث الغامدية.