للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم قيس بن الحصين، وأَجازهُم، فرجعوا إلى بلادهم.

ثم بعث إليهم رسول الله بعد ذلك عمرو بن حزم الأنصاري ليفقههم في الدين، ويعلمهم معالم الإسلام، وكتب معه كتابًا طويلًا، وذكر فيه أسنان الإبل، والصدقات، والعبادات وغيرها، ومات رسول الله وعمرو عندهم باليمن (١).

والكتاب مشهور أخرجه الدارقطني وغيره، وفيه: "بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذا كتابٌ منَ الله ورسولهِ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١] عهدٌ من محمدٍ رسولِ الله لعمرِو بن حَزْم حين بعثَه إلى اليمن، آمرُه بتَقوَى الله في أَمره كلِّه فـ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)[النحل: ١٢٨] وآمرُه أن يأخذَ بالحقَّ كما أَمَره الله، وأن يُبشِّر الناسَ بالخيرِ، ويأمُرَهم به، ويعلَّمهم القرآنَ، ويفقَّههم فيه، ويَنهى الناسَ، فلا يمسّ القرآنَ إلا طاهرٌ، ويشدّد عليهم في الظُّلمِ ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨]، ويعلِّم الناسَ مَعالِم الحجِّ، وسُنَنه، وفرائضَه، وما أَمَر الله بهِ، والحجُّ الأكبرُ يوم النحر، والأصغر العمرةُ" (٢) وذكر أسنانَ الإبل، وما يجبُ فيما تخرج الأرض، وذكر الجزية، وقال: "وعلى كلِّ حالِمٍ ذكرًا كانَ أو أنثى دينارٌ".

وفيها: بعث رسول الله خالد بن الوليد إلى اليمن، فقاتلوه، فبعث عليًا والتقوا، فبرز علي بين الصفين، وقرأ عليهم كتاب رسول الله فأسلمت همدان كلها، وأطاعوا؛ فكتب علي رضوان الله عليه إلى رسول الله يخبره، فخر ساجدًا، وقال: "السَّلامُ على هَمْدان" قالها ثلاثًا، ورجع خالد إلى المدينة، وأقام علي باليمن يفقههم في الدين، ويأخذ الصدقات، فلما كان في الموسم وافى رسول الله في حجة الوداع (٣).

وفيها: كتب مسيلمة إلى رسول الله كتابًا يذكر فيه معنى ما تقدم، [وقيل: إنما كتب إلى رسول الله بعد انفصاله من حجة الوداع].

وفيها: كتب رسول الله إلى جبلة بن الأيهم يدعوه إلى الله تعالى، فأسلم،


(١) "السيرة" ٢/ ٥٩٢ - ٥٩٣.
(٢) ذكره الدارقطني في سننه مقطعًا في أبواب متفرقة، ولم يذكره بطوله، وانظر "السيرة" ٢/ ٥٩٤ - ٥٩٦.
(٣) انظر "تاريخ الطبري" ٣/ ١٣١ - ١٣٢، و"دلائل النبوة" ٥/ ٣٩٦.