للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم يبكون، ويقولون: السلام عليك يا رسول الله، لقد أديت، ونصحت، وجاهدت في سبيل الله، اللهمَّ اجمع بيننا وبينه.

وقال الواقدي: لما أدرج رسول الله ﷺ في أكفانه وضع على سريره، ثم على شفير قبره.

[فحدثني محمد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وابن عباس قال:] وأول من صلى عليه من الناس العباس وبنو هاشم، ثم خرجوا، ودخل المهاجرون والأنصار، فلما صلَّوا دخل النساء والصبيان، ثم وضع أزواجه الجلابيب عن رؤوسهن، وجعلن يلتدمن في صدورهن، ونساء الأنصار يضربن الوجوه فذبحت حلوقهن من الصياح.

[وقال الواقدي]: وكانت قريش تحب النوم على السرير، فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة أهدى له أسعد بن زرارة سريرًا قوائمه ساج، فكان ينام عليه، ثم وهبه لعائشة، فلما توفي رسول الله ﷺ وضع عليه، وصلي عليه وهو فوقه، ثم حمل عليه أبو بكر وعمر ﵄ واشترى ألواحه عبد الله بن إسحاق الإسحاقي بأربعة آلاف درهم من موالي معاوية (١).

[وذكر الشهرستاني في كتاب "الملل والنحل": أن الصحابة] اختلفوا في دفن النبي ﷺ، فأراد أهل مكة من المهاجرين رده إلى مكة، وقالوا: هي مسقط رأسه ووطن أهله. وقال الأنصار: المدينة أولى لأنها دار هجرته وفيها أظهر الله دينه، وقال قوم: ننقله إلى بيت المقدس لأنها مقر الأنبياء ومنه عرج به إلى السماء [ثم اتفقوا على المدينة (٢).

وقال أحمد بإسناده، عن ابن جريج، عن أبيه: أن أصحاب رسول الله ﷺ لم يدروا أين يقبروه] حتى قال لهم أبو بكر ﵁: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لم يقبر نبي إلا حيث يموت" فأخّروا فراشه، وحفروا له تحته (٣).


(١) "أنساب الأشراف" ١/ ٦١٦.
(٢) "الملل والنحل" ١/ ٢٣ - ٢٤.
(٣) أحمد في "مسنده" (٢٧).