للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى بعض شيوخ مصر: أنَّ بعضَ من يعرفُ لسانَ اليونان حلَّ بعضَ الأقلامِ التي عليها ونقلها إلى العربية فإذا هي: "بناء هذان الهرمان، والنسرُ الواقع في السرطان" قال: ومن ذلك الوقت إلى زمان نبيِّنا محمد ﷺ ستة وثلاثون ألف سنة، وقيل: اثنان وسبعون ألفًا.

وقيل: إن القلم الذي عليهما تاريخه قبل بناء مصر بأربعة آلاف سنة، ولا يعرفه أحد.

وحكي لي أنه قِيسَ عرضُ الهرمِ الشرقي فكان خمس مئة ذراع، وسطحه تسعة أذرع، وطوله في الهواء ستة وخمسون ذراعًا، وهو مئة وثمانون صفًّا، كلُّ حجرٍ عرضه ثلاثة أذرع، وعرض الهرم الغربي أربع مئة وستون ذراعًا، وبالقرب منهما صخرةٌ عظيمة قد صوروا منها رأس آدمي سموه: أبا الهول، وحولها أهرام صغار.

ويقال: إن ملك اليونان واسمه: سوريد بن سهلوف رأى في منامه كأنَّ الأرض انقلبت والكواكبَ تتساقط، ولها أصوات منكَرة، فهاله ذلك، فجمع حكماءه وأخبرهم، فقال واحدٌ: لا بدَّ من هولين عظيمين يحزن منهما العالم، أحدهما ناري والثاني مائي، فأمر ببناء الأهرام ونقل إليها علومهم وكنوزهم، وجعل عمقها في الأرض كارتفاعها في الهواء، فإن كانت الآفةُ مائيةً صعدوا إلى أعلاها، وإن كانت ناريةً نزلوا إلى أسفلها إلى السراديب. وصوَّر فيها الكواكبَ والبحورات والروحانيات والأقلامَ وصُوَرَ العقاقير وغيرها.

وكان كلَّما مات حكيم جعلوا كتبه عند رأسه، وكانوا يقولون بالرجعة.

وجعلوا بابَ الهرمِ الشرقيِّ من ناحية الجنوب في الأرض بأزج معقودٍ طوله مئة وخمسون ذراعًا، وبابَ الغربيِّ من الشمال كذلك.

وقيل: ابتداء بنائها والنسرُ الطائرُ في الحَمَل.

ولما تمَّ بناؤها ذبحوا لها الذبائحَ وكسوها الديباج، وكتبوا على ظاهرها: "نحن بنيناها في ست سنين فاهدموها في ستين سنة". ووجدوا فيها دنانير وزن كل دينار أوقية (١).


(١) في (ب): "دنانير وزن أوقية".