للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى عن رسول الله نيفًا وثلاثين حديثًا، أخرج له مسلم عشر أحاديث، ولم يخرج له البخاري شيئًا، وهو الذي روى حديث الحوض، وسنذكره في آخر السيرة.

ومن مسانيده ما أخرجه أحمد في "مسنده"، فقال بإسناده، عن سليمان المنْبِهي عن ثوبان قال: كان رسول الله إذا سافر آخر عهده بإنسانٍ فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة، قال: فقدم من غَزاةٍ فأَتاها، فإذا بمِسْحٍ على بابها ورأى على الحسن والحُسين قُلْبَين من فضة، فرجَعَ ولم يدخل عليها، فهتكت فاطمة السِّتر ونزعت القُلْبين فقطعتهما ظنًا أنه لم يدخل عليها لأجل ذلك، فبكى الصَّبيَّان، فقسَمت القُلْبين بينهما، فانطلقا إلى رسول الله وهما يبكيان، فأخذه رسول الله منهما فقال: "يا ثَوبانُ، اذهَبْ بهذا إلى بَني فُلانٍ - أهل بيتٍ في المدينة - واشتَرِ لفاطمةَ قِلادةً من عَصَب وسِوارَيْن من عاجٍ، فإنَّ هؤلاءِ أهلُ بَيْتِي، ولا أحبُّ أن يَأكُلُوا طيِّباتِهم في حَياتِهمُ الدُّنيا" (١).

"العصب": ثوب، أي يفتل ثم يغسل ثم يصبغ ثم يحاك (٢). وقال الجوهري: "العَصْب" ضربٌ من برود اليمن (٣).

قلت: ولا معنى أن تكون القلادة من البرود، وإنما قد روي: "واشتر لفاطمة قلادة من جزع ظفار" وهو أولى.

وأما "العاج" فقال الأصمعي: هو خشب الذبل. وقال الجوهري: العاج عظم الفيل (٤).

وفي هذا الحديث دليلٌ على طهارة عظم الميتة.

وفي الصحابة من اسمه ثوبان ثلاثة أحدهم هذا.

أفلح (٥)، ذكره ابن البرقي، وقال: له حديث، وهو الذي يقال له: مولى أم سلمة، وليس في الصحابة من اسمه أفلح إلا هو وآخر، يقال له: أفلح أخو أبي


(١) أحمد في "مسنده" (٢٢٣٦٣).
(٢) انظر "فتح الباري" ٩/ ٤٩١.
(٣) "الصحاح" (عصب).
(٤) "الصحاح": (عوج).
(٥) "الإصابة" ١/ ٥٧ - ٥٨.