للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبد الله الجَدَلي: قلتُ لعائشة: كيف كان خُلُق رسول الله في أهلِه؟ قالت: كانَ أَحسنَ الناسِ خُلُقًا، لم يكن فاحشًا، ولا مُتَفحِّشًا، ولا صخّابًا بالأسواقِ، ولا يَجزِي بالسيئةِ مثلَها، ولكن يعفو ويَصفحُ (١).

وقالت الرُّبَيِّع بنتُ مُعوِّذ: دخلَ عليَّ رسول الله غداةَ بُنِيَ عليَّ، فجلسَ على فِراشي، وعندِي جُوَيْرِياتٌ يَضْربنَ بالدُّفِّ، ويَندبنَ من قُتل من آبائِهنَّ يومَ بدرٍ، فقالت إحداهنَّ:

وفينا نبيٌّ يعلمُ الغيب في غدٍ

فقال لها رسولُ الله : "لا تَقولي كَذا، وقُولي ما كنتِ تَقولينَ" (٢).

وذَكرَ الحسن البصري النبي فقال: لا والله ما كان يغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجاب، ولا يُغدَى عليه بالجفانِ ولا يراح عليه بها، ولكنه كان بارزًا، من أراد أن يلقى نبي الله لقيه، وكان يجلس على الأرض، ويوضعُ طعامُه على الأرضِ، ويلبسُ الغليظَ، ويردِفُ على الحمارِ، ويعودُ المرضى، ويشهدُ الجنائز، ويجيبُ دعوى المملوكِ، ويلعقُ أصابعَه (٣).

وقال أنس: كان رسولُ الله يسلِّم على الصبيانِ، ولا يدعوه أحدٌ من الناسِ إلَّا أَجابَه ويقول: "لو دُعيتُ إلى كُراعٍ لأَجَبتُ" (٤).

وقال بُريدة بن الحُصَيبِ: بَينا رسولُ الله بمِنًى إذ جاءه رجلٌ معه حمارٌ، فقال: يا رسولَ الله، ارْكَب، وتأخَّر الرجلُ، فقال رسولُ الله : "لا أنتَ أَحقُّ بصدرِ دَابَّتك منِّي، إلَّا أن تَجعَلَه لي" قال: قد جعلتُه لك، فركِبَ (٥).

وقال جابر بن عبد الله: ما سُئل رسولُ الله شيئًا قطَّ فقال: لا (٦).


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥٤١٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٠٠١).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٩٥٥٥)، والبيهقي ١٠/ ١٠١.
(٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٣١٧٧).
(٥) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢٩٩٢).
(٦) أخرجه البخاري (٦٠٣٤)، ومسلم (٢٣١١)، وأحمد في "مسنده" (١٤٢٩٤).