للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبعدَ الناسِ منه، أخرجاه (١).

وقال الزهري: إن يهوديًا كان يجدُ صفةَ النبيِّ في التوراةِ، فأسلَفَه ثلاثين دينارًا إلى أَجَلٍ معلوم، فلمَّا بقي من الأجلِ يومٌ جاءَه، فقال: يا محمدُ، أَعطني حقِّي فإنَّكم يا بني عبدِ المطلبِ قومٌ مُطُلٌ، فقال له عمرُ: يا خبيثُ، واللهِ لولا مَكانُ رسولِ الله لضربتُ عُنقك، فنهاهُ رسول الله وقال: "نحنُ إلى غيرِ هذا أَحوجُ، هلَّا أَمرتني بقضاءِ دينهِ أو أعَنْتَه على قضاءِ حقِّه" ثم قال له: "اذهَب به إلى حديقةِ كَذا وكَذا فأعطِه حقَّه وزِدْه" قال اليهودي: فمضَى بي عمرُ إلى الحديقةِ فأَعطاني حقِّي، وزادَني، ثم رجعَ اليهوديُّ إلى رسول الله فقال: واللهِ ما حَمَلني على ما قلتُ إلاَّ أنِّي وجَدتُ صفتَكَ في التوراةِ، فاخْتَبرتُ الجميعَ إلَّا الحلمَ، وقد رأيتُ من حلمكَ ما سَرَّني، وأشهدُ أنَّك رسولُ الله، ونصفُ مالي في فقراءِ المسلمين، وأسلمَ أهلُ بيت ذلكَ اليهوديِّ، فقال رسول الله لعمر: "إنَّ لصاحِبِ الحقِّ مقالًا" (٢).

* * *


(١) أخرجه البخاري (٣٥٦٠)، ومسلم (٢٣٢٧) مختصرًا، وهذا لفظ أحمد في "مسنده" (٢٤٠٣٤).
(٢) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٣١٠ - ٣١١ دون قوله: "إن لصاحب الحق مقالًا"، وهو قطعة من حديث آخر أخرجه البخاري (٢٣٠٦)، ومسلم (١٦٠١) من حديث أبي هريرة أن رجلًا أتى النبي يتقاضاه فأغلظ، فهَمَّ به أصحابه، فقال رسول الله : "دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا" ثم قال: "أعطوه سنًّا مثل سنه" قالوا: يا رسول الله، إلا أمثل من سنه، فقال: أعطوه، فإن من خيركم أحسنكم قضاء".