للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فرجعتُ إلى مكة ورسولُ الله جالسٌ في الحِجْر، فقلتُ: يا محمد، ما الذي تقول؟ فقال: أقولُ: لا إله إلا الله وأني عبدهُ ورسولُه، قال: فما الدّليلُ على صِحَّةِ قولك؟ فقال: رؤياك التي رأيتَ بالشام وقَصصتَها على بَحيرى، وقال لك كذا وكذا. فقام أبو بكرٍ وقبَّل رأسَه وقال: صدقتَ، وأسلم (١).

والثالث ذكره ابن داب قال: كان أبو بكرٍ جالسًا بفِناء الكعبة، وهناك زيد بنُ عمرو ابن نُفيل، فمرَّ به أُميَّةُ بن أبي الصَّلْت فقال له زيد: كيف أصبحتَ يا باغيَ الخير؟ فقال: بخيرٍ، قال: وهل وَجدتَ؟ قال: لا، ولم آلُ من طَلَبٍ، أي: لم أُقَصِّر، ثم أنشد أُميَّة: [من الخفيف]

كلُّ دينٍ يومَ القيامة إلا … ما قضى اللهُ في الحنيفة زورُ

وقال: إن هذا النبيُّ المنتَظَر إمّا منّا، أو منكم، أو من أهل فلسطين.

قال أبو بكر: ولم أكن سمعتُ بنبيًّ يُنتَظر ولا يُبعث، فخرجتُ حتى أتيتُ وَرقةَ بن نَوفلٍ، وكان كثيرَ النَّظر في السماء، كثير هَمْهَمةِ الصَّدر، قال: فقَصصتُ عليه القصّة فقال: نعم يا ابن أخي، إن هذا النبيّ المنتَظر من أوسط العرب نَسبًا، قال فقلتُ: يا عمّ، فما يقول؟ قال: يقول: لا ظُلمَ ولا تَظالُم، قال: وبُعث رسولُ الله فآمنتُ به (٢).

والرابع ذكره محمد بن كعبٍ القُرظي قال: خرج أبو بكرٍ في تجارة إلى الشام، فنادتْه شجرةٌ في الطريق: ارجع يا ابنَ أبي قُحافة، فآمن بمحمدٍ رسول الله، فرجع فأسلم.

وقال ابن إسحاق: لقي أبو بكرٍ رسول الله فقال: أحقًّا ما تقول قريش؛ من تركك آلهتنا، وتكفيرك آباءنا، وتسفيهك أحلامَنا؟ فقال: "إني رسولُ الله إليكم، بعثني لأُبلّغ رسالتَه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، وأن تعبدَه"، ثم قرأ عليه القرآن، فلم يُقرّ ولم يُنكر، ثم أسلم بعد ذلك، ودعا إلى الإسلام، فأسلم على يده الزبيرُ، وطلحةُ، وعثمانُ، وسعدُ بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عَوف، والأرقم بن أبي الأرقم،


(١) تاريخ دمشق ٣٥ - ٣٦/ ١١٨.
(٢) تاريخ دمشق ٣٥ - ٣٦/ ١٢٢ - ١٢٣، والبيت في ديوانه ٣٩٣.