للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله وفاطمة ما أجابهم إليه، فلما علم ترك، وهذا من الظنِّ بمثله.

وقال أبو إسحاق الثَّعلبي بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: أقام رسولَ الله أيامًا لم يَطعَمْ طعامًا، فدار على منازل أزواجه، فلم يجد عندهنَّ شيئًا، فأتى فاطمةَ فقال: "يا بُنيَّةُ، هل عندك شيءٌ آكلهُ فإني جائع؟ " فقالت: لا واللهِ. فلما خرج من عندها بعثتْ إليها جارتُها برغَيفين وقطعةِ لحمٍ، فجعلت ذلك في جَفْنَةٍ وغَطَّتْهُ وقالت: والله لَأُوثِرَنَّ أبي، وكانت جائعةً هي ومَن عندها، ثم أرسلت الجَفْنةَ إليه مع الحسنِ والحسين، وفي رواية: فأرسلت إليه فجاء فقالت: يا أبه، قد أتانا الله بشيءٍ فخَبَّيْناه لك، فقال: هلمَّ، فأتَتْه بالجَفْنةِ، فكَشفها فإذا هي مملوءةٌ خُبزًا ولحمًا، فلما نظرت إليها بُهتَت وعرفت أنها بركةٌ من الله تعالى، فقال: يا بُنيَّةُ، أنَّى لك هذا؟ قالت: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧]، فقال: "الحمد لله الذي جعلك يا بُنيَّةُ شبيهةً بسيّدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئًا فسُئلت عنه قالت: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. ثم أكل رسول الله منها وعليٌّ وفاطمةُ والحسن والحسين وأزواجُ رسول الله وأهلُ بيته حتى شَبعوا. قالت: فاطمة: وبَقيت الجَفنةُ كما هي، فأوسعتُ منها على جيراني وجعل الله فيها بركةً وخيرًا (١).

وقال أحمد بإسناده عن أنس بن مالك: إن رسول الله كان يَمرُّ بباب فاطمةَ إذا خرج إلى الصلاة، أو إلى صلاة الفجر، فيقول: "يا أَهلُ، الصلاةَ" وفي روايةٍ: "يا أهل البيت ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الآية [الأحزاب: ٣٣]. فعل ذلك ستَّةَ أشهر (٢).

وقال أحمد بإسناده عن أنس: إن بلالاً أبطأ عن صلاة الصُّبح، فقال له النبي : "ما حَبَسَك؟ " قال: مررتُ بفاطمة وهي تطحنُ، والصبيُّ يبكي، فقلتُ لها: إن شئتِ كَفيْتُك الرَّحى وكَفَيْتِني الصبيّ، وإن شئتِ كفيتُك الصبيَّ وكفيتني الرَّحى؟ فقالت: أنا أَرفَقُ بابني منك، فذاك حَبَسَني، فقال رسول الله "فرَحِمْتَها يرحمك الله" (٣).


(١) قصص الأنبياء للثعلبي ٣٧٦ - ٣٧٧، وذكره ابن كثير في تفسير الآية (٣٧) من آل عمران، وفي البداية والنهاية ٨/ ٦٤٦ - ٦٤٧ وقال: هذا حديث غريب إسنادًا ومتنًا.
(٢) مسند أحمد (١٣٧٢٨).
(٣) مسند أحمد (١٢٥٢٤).