للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وستُنبِئك ابنتُك بما لقينا بعدك، هذا ولم يَطُل العهدُ، ولم تمتد المدَّةُ، فعليكما مني السلامُ، سلامَ مُوَدِّعٍ لا قالٍ ولا سَئمٍ، فإن أَنصرِفْ فلا عن مَلالةٍ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنًّ بما وعد اللهُ الصابرين وأعدّ للمحزونِيْن (١).

وقال أحمد بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله لعلي: "يا أبا الريحانتَيْنِ، عن قليلٍ يَذهبُ رُكناك، والله خليفتي عليك"، قال: فلما قُبض رسول الله قال علي: هذا أحدُ الرُّكنَين، فلما تُوفَّيت فاطمةُ قال: هذا الركنُ الآخر (٢).

واختلفوا في المدَّة التي عاشت فيها بعد رسول الله على أقوال:

أحدها: ستة أشهر، قال الواقدي: وهو الثبت عندنا، رواه عروةُ عن عائشة.

والثاني: ثلاثة أشهر، قاله عمرو بن دينار. والثالث: شهران وعشرة أيام، قاله أبو الزبير.

والرابع: أربعون يومًا، قاله الهيثم، والأول أصحّ. وقد فَسَّرته عائشةُ فقالت: توفي رسولُ الله يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، وتُوفيت فاطمةُ ليلة الثلاثاء لثماني عشرة ليلةً خلت من رمضان، وفي روايةٍ: لثلاثٍ خلوْنَ منه (٣).

واختلفوا في مَبلغ سنِّها على أقوالٍ: أحدها ثمانيةٌ وعشرون سنةً وثمانية أشهر؛ لأنها وُلدت قبل النبوة بخمس سنين. قاله الواقدي. والثاني ثلاثون سنةً. والثالث: سبع وعشرون سنة، والأوَّل أصحّ. وذكر بعضُهم أَن عمرَها ثماني عشرة سنةً وليس هذا بشيءٍ (٤).

واختلفوا في موضع قبرها، فذكر ابن سعدٍ عن الواقدي أنها دُفنت في زاوية دار عَقيل، وبين قبرها وبين الطريق سبعةُ أذرعٍ، قال: وقال عبد الله بن جعفر: ما رأيتُ


(١) نهج البلاغة ٢/ ١٨٢.
(٢) فضائل الصحابة (١٠٦٧) عن محمَّد بن يونس، عن حماد بن عيسى الجهني، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه عن جابر، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٣/ ٢٠١، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥/ ٤٢ (مخطوط) بهذا الإسناد، قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث جعفر، تفرد به عنه حماد بن عيسى ويعرف بغريق الجحفة، لم يكتبه إلا من حديث محمَّد بن يونس عاليًا.
(٣) طبقات ابن سعد ٨/ ٢٨، وتاريخ الطبري ٣/ ٢٤٠، والذرية الطاهرة ١٥١ - ١٥٢، والاستيعاب (٣٤١١)، وصفة الصفوة ٢/ ١٤ - ١٥.
(٤) انظر المصادر في الحاشية السابقة.