وأما المتقاضي: فإن الإنسانَ إذا عمل عملًا في السرِّ تقاضاه حتى يتحدث به في العلانية.
وروى مجاهد عن ابن عباس قال: أول دينار وجد في الأرض أخذه إبليس وقبَّله ووضعه على عينيه، وقال: أنت قرة عيني وثمرة فؤادي، لا أبالي بابن آدم، إذا أحبَّك هو عبدي حقًّا. وقد رواه عكرمة عن ابن عباس وقال فيه: فوضع الدينار في يده اليمنى والدرهمَ في اليسرى وقال: سمَّيتكما نَجيحًا ومُنْجِحًا.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد العزيز بن رفيع قال: بلغني أنه إذا عُرِجَ بروح المؤمن إلى السماء تقول الملائكة: سبحان الله مَن نجَّى هذا العبدَ من الشيطان؟ أو: يا ويحه كيف نجا (١)؟.
حدثنا أبو اليمن الكندي بإسناده عن الحسن قال: جاء إبليس إلى حكيم فقال له: ويحك لِمَ تُضِلُّ الناس؟ فقال له: إلى ها هنا انتهتْ حكمتك؟ وهل أقدرُ على إضلال من خلقه الله سعيدًا؟ قال فبينما هو يحدثه إذ مرّت امرأة بيدها جرَّةُ عسل، فوقعت فانكسرت، فجلس الناسُ يلعقونَ العسلَ ويلعنون إبليس، فقال إبليس للحكيم: انظر إلى جهلهم يأكلون العسل ويلعنونني، فإن نسبوه إلى فعلي كفروا حيث جعلوا الحكم لي، وإن كان فعلَ الله فما ذنبي؟
وبه: قال الحسن: كان عابدٌ في بني إسرائيل جليل القدر في زمان عيسى ﵇، وكان مجتهدًا في العبادة، فاجتهد إبليس أن يفتنهُ فلم يقدر عليه، فجاءه في ليلة كثيرةِ المطر والثلج، فوقف تحت صومعته وناداهُ يا راهبُ، فقال: من أنت؟ فقال: عيسى بن مريم، افتحْ لي، ما ترى هذا البرد؟! فقال: لا حاجةَ لي بلقائك، إنك أمرتنا أن نعبدَ الله وحده ونبالغَ في العبادة وإن موعدنا يوم القيامة، فاذهبْ فلا تشغلني عن العبادة، ولم يفتح له.
وسنذكر من أخبار إبليس طرفًا في قصة آدم ﵇، إن شاء الله تعالى.