للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا نزلَ السماءُ بأرضِ قوم … رَعَيناهُ وإنْ كانُوا غِضَابا

هذا كلام الجوهري (١).

وقال الفراء والزجَّاج: لفظُ السماواتِ واحدٌ ومعناه الجمع، بدليل قوله تعالى: ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ (٢) [البقرة: ٢٩].

وقال أبو حنيفة أحمد بن داود الدِّينوري في "كتاب الأنواء" في السماوات: قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَينَاهَا بِأَيدٍ﴾ [الذاريات: ٤٧] وقال في موضع آخر: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قلت: وما ذكروه من معنى السموّ والارتفاع والمطر وغيره فإنما هو مجاز، أما الحقيقة، فيرادُ به السماءُ المعروفة.

وقد ورد في السماء أخبارٌ وآثار:

قال أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله : "إنِّي أرى ما لا تَرَوْن، وأَسمعُ ما لا تَسْمَعون: أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ، ما فيها مَوضعُ أربعِ أصابعَ إلا وعليه مَلَكٌ ساجدٌ" (٣).

قال الجوهري: الأطيط: صوتُ الرَّحْلِ والإبل من ثِقَل أحمالها (٤).

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أراد الله خَلْقَ المخلوقات خلق الماء فثار منه دخان، فارتفع فخَلَقَ منه السماء وجعلها سماءٌ واحدة، ثم فتقها فجعلها سبعًا ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت: ١٢] أي ما قَدَّرَ أنْ يكونَ فيها من الملائكة والنجوم وغير ذلك.

وروى عنه عكرمة في تفسير قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيفَ بَنَينَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق: ٦] قال: الفروج: الشقوق وكذا الفطور، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (٥):


(١) "الصحاح": (سما)، والبيت لمعاوية بن مالك، وانظر "المفضليات" ص ٣٥٩.
(٢) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٧.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٥١٦).
(٤) "الصحاح": (أطط).
(٥) البيت في "الأغاني" ٩/ ١٥١.