للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحارث بن هشام، فسلّموا عليه: سلامٌ عليك يا خليفة رسول الله، وصافحوه جميعًا، وأبو بكر يَبكي كلما ذكروا رسول الله ، وسلَّموا على أبي قُحافة، فقال أبو قحافة: يا عَتيق، هؤلاء الملأ من قريش فأَحسنْ صُحبتهم، فقال أبو بكر : يا أبه، لا حول ولا قوة إلا بالله، طُوِّقتُ عظيمًا من الأمر، لا قوة لي به ولا يدان إلا بالله تعالى (١)، ثم دخل إلى البيت، فاضطبع بردائه، ثم استلم الرّكن، ثم طاف سبعًا وركع ركعتين، ثم انصرف إلى منزله، فلما كانت الظهر خرج فطاف أيضًا بالبيت، ثم جلس قريبًا من دار الندوة وقال: هل من أحد يَتشكَّى من ظُلامة، أو يَطلبُ حقًا، فما أتاه أحد، وأثنى الناس على واليهم خيرًا، ثم صلّى العصر وودَّعه الناس، ثم خرج راجعًا إلى المدينة (٢).

وعزى أبو بكر سهيل بنَ عمرو في ولده عبد الله بن سهيل، وكان قد استُشهد باليمامة، فبكى سهيل وقال: لقد بلغني أن رسول الله قال: "يشفع الشهيد في سبعين من أهله"، وأنا أرجو ألا يَبدأ ابني بأحدٍ قبلي (٣).

وشكا إلى أبي بكر بعضُ أهل مكة [أبا] سفيان بن حرب، فأحضره، وجعل يَصيح عليه وينتهره، وأبو سفيان يَذلُّ له، فقال له أبو قحافة: يا عَتيق، أعلى أبي سفيان تَصيح، لقد تعدَّيتَ قدْرَك، وجاوزْتَ (٤) طَوْرَكَ، فقال له: يا أبتِ، إن الله هدم بالإِسلام بيوتًا منها بيتُه، وعَمر به بيوتًا منها بيتُك، وفي رواية: إن الله أعزَّ بالإِسلام قومًا وأذل به آخرين (٥).

واختلفوا فيمن حج بالناس، فقال ابن سعد: حج أبو بكر بالناس تلك السنة، وأَفرد الحج، واستَخلف على المدينة عثمان بن عفان (٦).

وقال الهيثم: حجّ بهم عمر بن الخطاب، وقيل: عبد الرحمن بن عوف.


(١) المنتظم ٤/ ١١١.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ١٨٧، وأنساب الأشراف ٥/ ١٤٢ - ١٤٣، وتاريخ دمشق ٣٥ - ٣٦/ ٤٣٥ - ٤٣٦.
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٤٠٦، وأخرج الحديث أبو داود (٢٥٢٢)، وابن حبان (٤٦٦٠)، والبيهقي ٩/ ١٦٤ من حديث أبي الدرداء .
(٤) في (أ) و (خ): وجمرت؟!
(٥) انظر مروج الذهب ٤/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٦) طبقات ابن سعد ٣/ ١٧٨.