للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقال الواقدي: كان بدءُ إسلامه أنه رأى في المنام أنه وُقِف به على شفير النار، فذكر من نعتها ما اللَّه أعلم به، وكأن أباه يدفعه فيها، ورأى رسول اللَّه آخذًا بحَقْوَيْه يمنعُه من الوقوع فيها، ففزع، فلما أصبح لقي أبا بكرٍ فأخبره، فقال له: قد أُريدَ بك خيرٌ، هذا رسول اللَّه فاتَّبعْه، فإنه يُخلّصك من أن تقع في النار، وأبوك واقعٌ فيها. فلقي رسول اللَّه بأجياد، فقال له: الأم تدعو يا محمَّد؟ فقال: إلى اللَّه وحده لا شريك له، وأني عبده ورسوله، وخَلْعِ ما أنت عليه من عبادة حجرٍ لا يضرُّ ولا ينفع، ولا يُبصر ولا يسمع، قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنك رسولُ اللَّه، فسرَّ رسولُ اللَّه بإسلامه.

وعلم أبوه أبو أُحيحة بإسلامه، فأرسل في طلبه مَن بقي من إخوته، ولم يكونوا أسلموا، فأَتَوْه به، فأنَّبه أبوه وشتمه، وضربه بمِقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، وقال له: أتبعت محمدًا وأنت ترى خلافَه قومَه، وما جاء به من عيبِ آلهتهم وآبائهم؟ فقال خالد: أي واللَّه قد اتَّبعتُه فافعل ما بدا لك، فقال: اذهب يا لُكَع حيث شئت، فواللَّه لأمنعنَّك القُوت، فقال خالد: إن منعتَني فإن اللَّه يَرزقني ما أعيشُ به، فأخرجه وقال لإخوته: لا يكلِّمه أحدٌ منكم إلا صنعتُ به مثل ما صنعت به، فانصرف خالد إلى رسول اللَّه فلزمه، وكان يعيش معه حتى خرج أصحابُ رسول اللَّه إلى الحبشة الهجرة الثانية فخرج معهم (١).

وقال هشام: مرض أبو أحَيْحة فقال. لئن عافاني اللَّه من مرضي هذا لا يُعبد إله ابن أبي كَبْشةَ بمكة أبدًا، فقال خالد: اللهم لا تَشفه، فمات من مرضه ذلك.

وقال الواقدي: قالت أم خالد بنت خالد: هاجر أبي إلى الحبشة المرة الثانية، فأقام بها بضعَ عشرة سنة، ووُلدتُ أنا بها، ثم قدم على النبي بخيبر، فكلَّم المسلمين فيه فأسهموا لنا، ثم رجعنا مع النبي إلى المدينة فأقمنا بها، وشهد أبي مع رسول اللَّه عمرة القَضيَّة وفتح مكة وحنينًا والطائف وتبوك، وبعثه رسول اللَّه على صدقات اليمن، فتُوفّي رسولُ اللَّه وأبي باليمن (٢).


(١) التبيين ١٨٧ - ١٨٨، وطبقات ابن سعد ٤/ ٩٤ - ٩٥.
(٢) التبيين ١٨٨ - ١٨٩، وطبقات ابن سعد ٤/ ٩٥ - ٩٦.