للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمرو، وهاجر إلى الحبشة المرة الثانية، ثم قدم مكة يريد الهجرة إلى المدينة لما بلغه مهاجر رسول اللَّه إلى المدينة، فحبسه أهله، فهرب بعد الخندق إلى المدينة، فشهد ما بعد الخندق من المشاهد.

وكان شريفًا في قومه، فقيل لأخيه عمرو: أيّما أفضل أنت أم أخوك؟ قال: احكموا بيننا، أمُّه حَرْملة بنت هشام بن المغيرة، وأمي النابغة من بني عَنَزة، وكان أحبَّ إلى أبيه مني، وعُرِضْتُ أنا وإياه على رسول اللَّه فقبله وتركني (١)، وهاجر قبلي، واستبقنا إلى اللَّه يوم اليرموك فسبقني، فأيّنا أفضل؟!

وقال هشام: بعثني أبو بكر إلى دمشق رسولًا إلى ملك الروم ندعوه إلى اللَّه تعالى، فخرجتُ أنا ورجل من قريش، فقَدِمنا الغوطة، فنزلنا على جَبَلَةَ بن الأَيْهم الغسّاني، فإذا عليه ثيابُ سواد، فقلنا: ما هذا؟ قال: لَبِستُها، وحلفتُ أني لا أَنزِعها حتى أُخرجَكم من الشام، فقلت: نحن نُخرجك، ونَملك مجلسَك هذا إن شاء اللَّه تعالى، ونأخذ مُلكَ هرقل، قال: ومن أين لكم هذا؟! قلتُ: أنبأنا به نبيُّنا .

ثم دخلنا على الملك فأكرَمَنا، وأخرج إلينا صُورًا في خِرق الحرير، في كلِّ خِرقَةٍ صورة نبيٍّ، حتى أخرج لنا خِرقةً فيها صورةُ نبينا، وزعم أن تلك الصُّور أنزلت على آدم، واستخرجها ذو القرنين من مَطلع الشمس، من خزانة آدم، فدفعها إلى دانيال الأكبر (٢).

واستشهد بأجنادين، وقيل باليرموك، وقيل بموج الصُّفَّر.

وقال الواقدي: كان هشام رجلًا صالحًا، رأى من المسلمين يوم أَجنادين بعضَ التقصير، فرمى المِغفَر عن رأسه وصاح: إليَّ إليَّ أيها الناس، أمن الجنَّة تَفِرّون، أنا هشام بن العاص، وقاتل حتى قُتل، فوقع في ثُلمةٍ فسَدَّها، وكان العدوُّ فيها، فهاب


= والثقات ٣/ ٤٣٣، وجمهرة أنساب العرب ١٦٣، والمستدرك ٣/ ٢٤٠، والاستيعاب (٢٦٤٨)، والتبيين ٤٦٥، والمنتظم ٤/ ١٥٨، وأسد الغابة ٥/ ٤٠١، والسير ٣/ ٨٦.
(١) كذا، والذي في المصادر السالفة: عرضنا أنفسنا على اللَّه فقبله وتركني.
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ١/ ٣٨٦ - ٣٩٠، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٧/ ١٦١ - ١٦٦، وانظر الإصابة ٣/ ٦٠٤ - ٦٠٥.