للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المهاجرين، من حُلفاءِ نوفل بن عبد مناف بن قُصيّ، أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشةِ المرة الثَّانية، وكان من الرُّماة المذكورين، وهاجر إلى المدينةِ وهو ابن أربعين سنة فنزل على عبد اللَّه بن سَلمةَ (١) العَجْلاني، وآخى رسولُ اللَّه بينه وبين أبي دُجانة، وكان خَطيبًا فصيحًا.

وقال ابن سعد عن الواقدي: هو الذي اختطَّ البصرة -وكانت قبل ذلك الأُبُلّة- وبنى المسجد بقَصَب، وولَّاه عمرُ البَصرة، فأقام عليها ستَة أشهر، ثم حجَّ واعتمر، واجتمع بعمرَ فردَّه واليًا على حاله، مات بطريق البصرة بمرضِ البطن، وهو ابن سبع أو خمس وخمسينَ سنة (٢).

واختلفوا في أيِّ سنةٍ مات على أقوالٍ: أحدُها في هذه السنة، ذكره المدائني. والثاني في سنة سبع عشرة، حكاه ابنُ سعدٍ عن الواقدي. قال: أصابه بطنٌ فمات بمعدِنِ بني سُلَيم (٣). وقول المدائني أَظهر.

وليس في الصَّحَابَة من اسمُه عتبةُ بن غزوان غيره (٤).

وقد روى عن رسول اللَّه الحديث، فقال الإمامُ أحمدُ: حدثنا ابن أَسَد، حدثنا سُليمان بنُ المغيرة، حدثنا حُميد بنُ هلال، عن خالد بن عُمير قال: خطب عُتْبةُ بن غزوان -أو خطبنا- فحَمِد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أمَّا بعد، فإنَّ الدُّنيا قد آذنتْ بصُرْمٍ، وولَّت حذَّاءَ، لم يَبقَ منها إلَّا صُبابةٌ كصُبابةِ الإناء، يَتصابُّها صاحبُها، وأنتُم مُنتقلوَن منها إلى دارٍ لا زوال لها، فانتقلوا بخيرٍ؛ فإنَّه قد ذُكِرَ لنا أنَّ الحَجر يُلقى من شفيرِ جهنَّم، فيَهوي فيها سَبعين خريفًا ما يُدْرِكُ قَعْرَها، ولقد ذُكر لنا أنّ ما بين مِصْراعَي الجنَّةِ مسيرةُ أربعينَ عامًا، وليأتينَّ عليه يومٌ كَظِيظُ الزِّحام.

ولقد رأيتُني وأنا سابعُ سبعةٍ مع رسولِ اللَّه ، ما لنا طعامٌ إلَّا ورقُ الشجرِ، حتَّى قَرِحَتْ أشداقُنا، ولقد التقطتُ بُرْدَة فشقَقْتُها بيني وبين سعد نِصفين، فاتَّزرَ بنِصفها، واتَّزرتُ بالنصفِ الآخر، وما أصبح مِنّا أحد إلَّا وهو أميرٌ على مِصرٍ من الأمصارِ،


(١) في (أ) و (خ): سهل، وهو خطأ.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ٩٢ دون شك في سنّه عندما توفي، وانظر تلقيح فهوم أهل الأثر ١٢٦.
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٩٣ و ٩/ ٨.
(٤) من قوله: واختلفوا في أي سنة مات. . . إلى هنا، ليس في (أ) و (خ).