للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرس، وكان العباس وسيمًا جميلًا، فجعل البطارقةُ والعظماء يُسلمون على العباس، وهو يُشير إلى عمر، فيرجعون فيُسلّمون عليه، وسجد له جماعةٌ من القِسّيسين والرهبان فمنعهم وقال: لا ينبغي السجودُ إلا للَّه تعالى، وقالوا: ما رأينا أحدًا أشبه بأوصاف الحواريين من هذا الرجل (١).

وقال هشام: تلقّاه أهلُ الأديان والمقلِّسون بالسيوف والرَّيحان، فكره عمر النظر إليهم، وقال: ردُّوهم، فقال له أبو عبيدة: إنها سنة الأعاجم، فإن منعتَهم ظنوا في نفوسهم أنَّه نقضٌ لعهدهم، فقال عمر: دعوهم، عمر وآل عمر في طاعة أبي عبيدة (٢). قال الجوهري: التقليس: الضرب بالدف والغناء (٣).

وكان أبو عبيدة لما التقي عمر قبَّل عمر يدَ أبي عبيدة.

وقال الواقدي: قدم عمرُ الشام على حمار ومعه عبد الرحمن بن عوف، فتلقَّاه معاوية بن أبي سفيان في موكبٍ نبيلٍ، فجاوز عمر ولم يعرفه، فأُخبر أنَّه قد تقدّمه، فرجع إليه فترجَّل، وقبَّل يده، ومشى إلى جنبه وعمر مُعرض عنه، فقال له عبد الرحمن: أتعبت الرجل فقال له عمر: يَا ابن أبي سفيان، أنت صاحبُ الموكب آنفًا مع ما يبلغني من وقوف ذوي الحاجات على بابك؟!

فقال: يَا أمير المؤمنين، إنا في بلاد فيها جواسيس العدو، ولا بد ما نردعهم بما نُروّعهم به من هيبة السلطان، فإن أمرتَني أقمتُ على ما أنا عليه، وإن نهيتَني انتهيتُ، فلم يرد عليه شيئًا (٤)، وفي رواية: علمني وفهِّمني -وهي جيدة في الجواب- فلم يردّ عليه شيئًا.

وقال أبو العالية الرِّياحي (٥): قدم عمر رضوان اللَّه عليه الشام على جملٍ أَوْرق، تلوح صَلعتُه [في الشمس] ليس عليه عمامةٌ ولا قلنسوة، قد طبق رجليه بين شُعْبَتَي


(١) تاريخ دمشق ٨/ ٩٠٢ - ٩٠٣.
(٢) أخرجه البلاذري في فتوح البلدان ١٤٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٢/ ١١٦ - ١١٧ (الفكر)
(٣) الصحاح (قلس).
(٤) تاريخ دمشق ٥٩/ ١١٢ (الفكر).
(٥) في تاريخ المدينة ٨٢٤ - ٨٢٥، ومناقب عمر ١٢٦: أبو الغالية الشامي، وفي المجالسة (٩٨٦): أبو الغادية =